يلزمه لأنه ورد الشرع فيه بشد الرحال إليه فأشبه المسجد الحرام (والثاني) لا يلزمه لأنه لا يجب قصده بالنسك فلا تتعين الصلاة فيه بالنذر كسائر المساجد * فان قلنا يلزمه فصلى في المسجد الحرام أجزأه عن النذر لان الصلاة في المسجد الحرام أفضل فسقط به فرض النذر * وان نذر أن يصلي في المسجد الأقصى فصلى في مسجد المدينة أجزأه لما روى جابر رضي الله عنه أن رجلا قال (يا رسول الله إني نذرت ان فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس ركعتين فقال صل ههنا فأعاد عليه فقال صل ههنا ثم أعاد عليه فقال شأنك) ولان الصلاة فيه أفضل من الصلاة في بيت المقدس فسقط به فرض النذر * (الشرح) أما حديث عبد الله بن الزبير فرواه أحمد بن حنبل في مسنده والبيهقي باسناد حسن وسبق بيانه في أواخر باب صفة الحج في مسألة استحباب دخول البيت (وأما) حديث جابر فصحيح رواه أبو داود في سننه بلفظه باسناد صحيح (وقوله) صلى الله عليه وسلم (شأنك) هو منصوب أي الدم شأنك فان شئت أن تفعله فافعله (وقوله) ورد الشرع بشد الرحال إليه احتراز من غير المساجد الثلاثة وفي بيت المقدس لغتان مشهورتان (إحداهما) فتح الميم وإسكان القاف وكسر الدال (والثانية) ضم الميم وفتح القاف والدال المشددة (أما الأحكام) فان نذر صلاة مطلقة ففيما يلزمه قولان مشهوران (أصحهما) ركعتان (والثاني) ركعة وذكر المصنف دليلهما وهما مبنيان على القاعدة السابقة أن النذر هل يسلك به في صفاته مسلك واجب الشرع أم مسلك جائزه (اما) إذا قال لله علي أن أمشى إلى بيت الله الحرام أو آتيه أو أمشي إلى البيت الحرام لزمه إتيانه هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور لقوله صلى الله عليه وسلم (من نذر أن يطع الله فليطعه) وهو صحيح سبق بيانه وقيل في لزومه قولان حكاهما الرافعي وليس بشئ * ولو قال لله علي أن أمشي إلى بيت الله أو آتيه ولم يقل الحرام ففيه خلاف منهم من حكاه وجهين ومنهم من حكاه قولين (أحدهما) يحمل على البيت الحرام وهو بيت مكة (وأصحهما) لا ينعقد نذره إلا أن ينوى البيت الحرام لان جميع المساجد بيوت الله تعالى وقد ذكر المصنف المسألة في آخر الباب وسنزيدها إيضاحا هناك انشاء الله تعالى * ولو قال لله على أن أمشي إلى الحرام أو المسجد الحرام أو مكة أو ذكر بقعة من بقاع الحرم كالصفا والمروة ومسجد الخيف ومنى ومزدلفة ومقام إبراهيم وغيرهما فهو كما لو قال إلى بيت الله الحرام حتى لو قال آتي دار أبي جهل أو دار الخيرزان كان الحكم كذلك باتفاق الأصحاب لشمول حرمة الحرم في تنفير الصيد وغيره * ولو نذر أن
(٤٧٣)