يعد الطواف نص عليه الشافعي في الاملاء واتفق عليه الأصحاب والله أعلم (الخامسة) حكم طواف الوداع حكم سائر أنواع الطواف في الأركان والشروط وفيه وجه لأبي يعقوب الأبيوردي أنه يصح بلا طهارة وتجبر الطهارة بالدم وقد سبق بيان الوجه في فصل طواف القدوم وهو غلط ظاهر والله أعلم (السادسة) هل طواف الوداع من جملة المناسك أم عبادة مستقلة فيه خلاف (قال) إمام الحرمين والغزالي هو من المناسك وليس على الحاج والمعتمر طواف وداع إذا خرج من مكة لخروجه (وقال) البغوي والمتولي وغيرهما ليس طواف الوداع من المناسك بل هو عبادة مستقلة يؤمر بها كل من أراد مفارقة مكة إلى مسافة القصر سواء كان مكيا أو أفقيا وهذا الثاني أصح عند الرافعي وغيره من المحققين تعظيما للحرم وتشبيها لاقتضاء خروجه الوداع باقتضاء دخوله الاحرام قال الرافعي ولان الأصحاب اتفقوا على أن المكي إذا حج ونوى على أن يقيم بوطنه لا يؤمر بطواف الوداع وكذا الأفقي إذا حج وأراد الإقامة بمكة لا وداع عليه ولو كان من جملة المناسك لعم الحجيج * هذا كلام الرافعي * ومما يستدل به من السنة لكونه ليس من المناسك ما ثبت في صحيح مسلم وغيره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (يقيم المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا) وجه الدلالة أن طواف الوداع يكون عند الرجوع وسماه قبله قاضيا للمناسك وحقيقته أن يكون قضاها كلها والله أعلم * (فرع) ذكرنا في هذه المسألة السادسة عن البغوي أن طواف الوداع يتوجه على كل من أراد مفارقة مكة إلى مسافة القصر قال ولو أراد دون مسافة القصر لا وداع عليه والصحيح المشهور أنه يتوجه على من أراد مسافة القصر ودونها سواء كانت مسافة بعيدة أم قريبة لعموم الأحاديث وممن صرح بهذا صاحب البيان وغيره * (فرع) قد ذكرنا انه لا يجوز ان ينفر من منى ويترك طواف الوداع إذا قلنا بوجوبه فلو طاف يوم النحر للإفاضة وطاف بعده للوداع ثم أتى منى ثم أراد النفر منها في وقت النفر إلى وطنه واقتصر على طواف الوداع السابق فهل يجزئه قال صاحب البيان اختلف أصحابنا المتأخرون فيه فقال الشريف العثماني يجزئه لان طواف الوداع يراد لمفارقته البيت وهذا قد أرادها (ومنهم) من قال لا يجزئه وهو ظاهر كلام الشافعي وظاهر الحديث لان الشافعي قال وليس على الحاج بعد فراغه من الرمي أيام منى الا وداع البيت فيودع وينصرف إلى أهله هذا كلام صاحب البيان وهذا الثاني هو الصحيح وهو مقتضى كلام الأصحاب والله أعلم *
(٢٥٦)