عليه واحتج له المتولي بأنه دخل وقت الطواف المفروض فلم يجز أن يسعى سعيا تابعا لطواف نفل مع امكان طواف فرض وهذا الذي ذكرناه من الموالاة بين الطواف والسعي سنة وانه لو تخل زمان طويل كسنة وسنتين وأكثر جاز أن يسعى ويصح سعيه ويكون مضموما إلى السعي الأول وهو المذهب وبه قطع جماهير الأصحاب في طريقتي العراق وخراسان وكلهم يمثلون بما لو أخره سنتين جاز وممن صرح بذلك وقطع به الشيخ أبو حامد والقفال والقاضيان أبو الطيب وحسين في تعليقهما وأبو علي السنجي والمحاملي والفوراني والبغوي وصاحب العدة والبيان وخلائق لا يحصون * وقال الماوردي هل تشترط الموالاة بين الطواف والسعي فيه وجهان (أحدهما) وهو قول أصحابنا البغداديين لا تشترط الموالاة بل يجوز تأخيره يوما وشهرا وأكثر لأنهما ركنان فلا تشترط الموالاة بينهما كالوقوف وطواف الإفاضة (والثاني) تشترط الموالاة بينهما فان فرق كثيرا لم يصح السعي وهو قول أصحابنا البصريين لان السعي لما افتقر إلي تقدم الطواف ليمتاز عما لغير الله تعالى افتقر إلى الموالاة بينه وبينه ليقع الميز به ولا يحصل الميز إذا أخره هذا نقل الماوردي * وقال المتولي في اشتراط الموالاة بين الطواف والسعي قولان مبنيان على القولين في الموالاة في الوضوء قال ووجه الشبه أنهما ركنان في عبادة وأمكن الموالاة بينهما فصار كاليد مع الوجه في الوضوء والصواب ما قدمناه عن الجمهور قياسا على تأخير طواف الإفاضة عن الوقوف فإنه يجوز تأخيره سنين كثيرة ولا آخر له ما دام حيا بلا خلاف والله أعلم * (فرع) في سنن السعي وهي جميع ما سبق في كيفية السعي سوى الواجبات المذكورة وهي سنن كثيرة (إحداها) يستحب أن يكون عقب الطواف وأن يواليه فان أخره عن الطواف أو فرق بين مراته جاز على المذهب ما لم يتخلل بينهما الوقوف كما سبق وفيه خلاف ضعيف سبق الآن (الثانية) يستحب أن يسعى على طهارة من الحدث والنجس ساترا عورته فلو سعى محدثا أو جنبا أو حائضا أو نفساء أو عليه نجاسة أو مكشوف العورة جاز وصح سعيه بلا خلاف لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وقد حاضت (اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت) رواه البخاري ومسلم وسبق بيانه مرات (الثالثة) الأفضل أن يتحرى زمان الحلوة لسعيه
(٧٤)