(فرع) لا يفتقر الرمي إلى نية على المذهب وفيه وجه حكاه الدارمي والقاضي أبو الطيب وغيرهما وقد سبق في فصل طواف القدوم عند ذكر نية الطواف ثلاثة أوجه في النية في جميع أعمال الحج والله أعلم * (فرع) في الحكمة في الرمي * قال العلماء أصل العبادة الطاعة وكل عبادة فلها معنى قطعا لان الشرع لا يأمر بالعبث ثم معنى العبادة قد يفهمه المكلف وقد لا يفهمه فالحكمة في الصلاة التواضع والخضوع واظهار الافتقار إلى الله تعالى والحكمة في الصوم كسر النفس وقمع الشهوات والحكمة في الزكاة مواساة المحتاج وفي الحج اقبال العبد أشعث اغبر من مسافة بعيدة إلى بيت فضله الله كاقبال العبد إلى مولاه ذليلا * ومن العبادات التي لا يفهم معناها السعي والرمي فكلف العبد بهما ليتم انقياده فان هذا النوع لاحظ للنفس فيه ولا (1) للعقل به ولا يحمل عليه الا مجرد امتثال الامر وكمال الانقياد * فهذه إشارة مختصرة تعرف بها الحكمة في جميع العبادات والله أعلم * وقد سبق في أواخر فصل طواف القدوم في المسألة الخامسة حديث عائشة قالت (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمى الجمار لإقامة ذكر الله) وروينا في سنن البيهقي وغيره مرفوعا وموقوفا على ابن عباس رضي الله عنهما (ان إبراهيم الخليل صلى الله عليه وسلم لما أتى المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض ثم عرض له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض ثم عرض له في الثالثة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض قال ابن عباس الشيطان ترجمون ومكة بينكم تبتغون) * قال المصنف رحمه الله * (ومن عجز عن الرمي بنفسه لمرض مأيوس أو غير مأيوس جاز أن يستنيب من يرمي عنه لان وقته مضيق وربما مات قبل أن يرمي بخلاف الحج فإنه على التراخي * ولا يجوز لغير المأيوس أن يستنيب لأنه قد يبرأ فيؤديه بنفسه * والأفضل ان يضع كل حصاة في يد النائب ويكبر ويرمي النائب فان رمى عنه النائب ثم برئ من المرض فالمستحب ان يعيد بنفسه * وإن أغمي عليه فرمى عنه غيره فإن كان بغير إذنه لم يجزه وإن كان أذن له فيه قبل أن يغمى عليه جاز) * (الشرح) فيه مسألتان (إحداهما) قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله العاجز عن الرمي بنفسه لمرض أو حبس ونحوهما يستنيب من يرمي عنه لما ذكره المصنف وسواء كان المرض مرجو
(٢٤٣)