من وجهين (أحدهما) أن روايات جابر وابن عمر وأبى سلمة عن عائشة أصح وأشهر وأكثر رواة فوجب تقديمها ولهذا رواها مسلم في صحيحه دون حديث أبي الزبير وغيره (والثاني) أنه يتأول قوله أخر طواف يوم النحر إلى الليل أي طواف نسائه ولابد من التأويل للجمع بين الأحاديث (فان قيل) هذا التأويل يرده رواية القاسم عن عائشة في قوله (وزار رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نسائه ليلا) فجوابه لعله عاد للزيارة لا لطواف الإفاضة فزار مع نسائه ثم عاد إلى منى فبات بها والله أعلم * (فرع) قد ذكرنا ان لطواف الإفاضة خمسة أسماء (منها) طواف الزيارة ولا كراهة في تسميته طواف الزيارة * هذا مذهبنا وبه قال أهل العراق وقال مالك يكره * دليلنا حديث عائشة في صحيح مسلم وغيره (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد من امرأته صفية مثل ما يريد الرجل فقالوا إنها حائض فقال إنها لحابستنا قالوا يا رسول الله انها قد زارت يوم النحر قال فلتنفر معكن ومعناه قد طافت طواف الزيارة * وعن ابن عباس وعائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم (اخر طواف الزيارة إلى الليل) رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح ودلالته ظاهرة ودلالة الأول انه لم ينكره النبي صلى الله عليه وسلم ولان الأصل عدم الكراهة حتى يثبت دليلها الشرعي * (فرع) اختلف العلماء في يوم الحج الأكبر متى هو فقيل يوم عرفة والصحيح الذي قاله الشافعي وأصحابنا وجماهير العلماء وتظاهرت عليه الأحاديث الصحيحة انه يوم النحر وإنما قيل الحج الأكبر للاحتراز من الحج الأصغر وهو العمرة * هكذا أثبت في الحديث الصحيح * ومما يستدل به حديث حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة قال (بعثني أبو بكر في تلك الحجة يعني حجة أبي بكر الصديق رضي الله عنه سنة تسع من الهجرة في مؤذنين بعثهم يوم النحر يؤذنون
(٢٢٣)