ان توضأ ثم طاف بالبيت) رواه البخاري ومسلم وثبت في صحيح مسلم من رواية جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في آخر حجته (لتأخذوا عني مناسككم) قال أصحابنا ففي الحديث دليلان (أحدهما) ان طوافه صلى الله عليه وسلم بيان للطواف المجمل في القرآن (والثاني) قوله صلى الله عليه وسلم (لتأخذوا عني مناسككم) يقتضي وجوب كل ما فعله إلا ما قام دليل على عدم وجوبه * وعن عائشة أيضا ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لها حين حاضت وهي محرمة (اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي) رواه البخاري ومسلم بهذا اللفظ وفيه تصريح باشتراط الطهارة لأنه صلى الله عليه وسلم نهاها عن الطواف حتى تغتسل والنهي يقتضي الفساد في العبادات (فان قيل) أنما نهاها لان الحائط لا تدخل المسجد (قلنا) هذا فاسد لأنه صلى الله عليه وسلم قال (حتى تغتسلي) ولم يقل حتى ينقطع دمك * وبحديث ابن عباس السابق (الطواف بالبيت صلاة) وقد سبق أن الصحيح أنه موقوف على ابن عباس وتحصل منه الدلالة أيضا لأنه قول صحابي اشتهر ولم يخالفه أحد من الصحابة فكان حجة كما سبق بيانه في مقدمة هذا الشرح وقول الصحابي حجة أيضا عند أبي حنيفة (وأجاب) أصحابنا عن عموم الآية التي احتج بها أبو حنيفة بجوابين (أحدهما) انها عامة فيجب تخصيصها بما ذكرناه (والثاني) أن الطواف بغير طهارة مكروه عند أبي حنيفة ولا يجوز حمل الآية على طواف مكروه لان الله تعالى لا يأمر بالمكروه (والجواب) عن قياسهم على الوقوف وغيره أن الطهارة ليست واجبة في غير الطواف من أركان الحج فلم تكن شرطا بخلاف الطواف فإنهم سلموا وجوبا فيه على الراجح عندهم والله أعلم * (فرع) في مذاهبهم في النية في طواف الحج أو العمرة * قد ذكرنا ان الأصح عندنا أنها لا تشترط وبه قال الثوري وأبو حنيفة * وقال احمد واسحق وأبو ثور وابن القاسم المالكي وابن المنذر لا يصح إلا بالنية ودليل المذهبين في الكتاب *
(١٨)