وهو الراجح في الدليل كما سبق * فلو قيد فقال لله علي اعتاق رقبة مؤمنة سليمة لم يجزه الكافرة ولا المعيبة بلا خلاف ولو قال كافرة أو معيبة أجزأنه بلا خلاف فلو أعتق مؤمنة سليمة فقيل لا تجزئه لأنها غير ما التزمه (والصحيح) الذي عليه الجمهور انها تجزئه لأنها أكمل وذكر الكفر والعيب ليس للتقرب بل لجواز الاقتصار على الناقص فصار كمن نذر التصدق بحنطة رديئة يجوز له التصدق بالجيدة * ولو قال علي أن أعتق هذا الكافر أو المعيب لم يجزه غيره لتعلق النذر بعينه (أما) إذا نذر أن يعتكف فليس من جنس الاعتكاف واجب بالشرع وقد سبق في بابه وجهان في أنه هل يشترط اللبث أم يكفي المرور في المسجد مع النية والأول أصح فعلى هذا يشترط لبث ويخرج عن النذر بلبث ساعة ويستحب أن يمكث يوما * وان اكتفينا بالمرور في أصل الاعتكاف فلإمام الحرمين احتمالان (أحدهما) يشترط لبث لان لفظ الاعتكاف يشعر به (والثاني) لا حملا له على حقيقته شرعا والله أعلم (المسألة الثالثة) إذا نذر أن يعتق رقبة بعينها لزمه اعتاقها ولا يزول ملكه عنها بمجرد النذر فان أراد بيعها أو هبتها أو الوصية بها أو ابدالها بغيرها لم يجز * وان تلفت أو أتلفها لم يلزمه بدلها وان أتلفها أجنبي لزمه القيمة للمولى ويتصرف فيها المولى بما شاء ولا يلزمه أن يشتري بها رقبة يعتقها * ودليل جميع هذه الصور في الكتاب وفيه الفرق بينه وبين الهدى والأضحية المنذورتين وقد سبقت المسألة بفروعها وايضاح الفرق في باب الهدي والله أعلم * قال المنصف رحمه الله * (وان نذر هديا نظرت فان سماه كالثوب والعبد والدار لزمه ما سماه وان أطلق الهدي ففيه قولان قال في الاملاء والقديم يهدي ما شاء لان اسم الهدي يقع عليه ولهذا يقال أهديت له دارا أو أهدي لي ثوبا ولان الجميع يسمى قربانا ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في الجمعة (من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة) فإذا سمى قربانا وجب أن يسمي هديا وقال في الجديد لا يجزئه الا الجذعة من الضأن والثنية من المعز والإبل والبقر لان الهدى المعهود في الشرع ما ذكرناه فحمل مطلق النذر عليه * وان نذر بدنة أو بقرة أو شاة فان قلنا بالقول الأول أجزأه من ذلك ما يقع عليه الاسم وان قلنا بالقول الثاني لم يجزه الا ما يجزئ في الأضحية * وان نذر شاة فاهدى بدنة أجزأه لان البدنة بسبع من الغنم وهل يجب الجميع فيه وجهان (أحدهما) ان الجميع واجب لأنه مخير بين الشاة والبدنة فأيهما فعل كان واجبا كما نقول في العتق والاطعام في كفارة اليمين (والثاني) ان الواجب هو السبع لان كل سبع منها بشاة فكان الواجب هو السبع * وان
(٤٦٥)