النبي صلى الله عليه وسلم رخص للعباس في ترك المبيت لأجل السقاية) فدل على أنه لا يجوز لغيره تركه (فان قلنا) أنه يستحب لم يجب بتركه دم (وإن قلنا) يجب وجب بتركه الدم فعلى هذا إذا ترك المبيت في الليالي الثلاث وجب دم وإن ترك ليلة ففيه ثلاثة أقوال على ما ذكرناه في الحصاة ويجوز لرعاة الإبل وأهل سقاية العباس رضي الله عنه أن يدعوا المبيت ليالي منى ويرموا يوما ويدعوا يوما ثم يرموا ما فاتهم لما روى ابن عمر (أن النبي صلى الله عليه وسلم أرخص للعباس ان يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته) وروى عاصم بن عدي (أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لرعاة الإبل في ترك البيتوتة يرمون يوم النحر ثم يرمون يوم النفر) فان أقام الرعاة إلى أن تغرب الشمس لم يجز لهم ترك المبيت وان أقام أهل السقاية إلى أن تغرب الشمس جاز لهم ترك المبيت لان حاجة أهل السقاية بالليل موجودة وحاجة الرعاة لا توجد بالليل لان الراعي لا يكون بالليل ومن أبق له عبد ومضى في طلبه أو خاف أمرا يفوته ففيه وجهان (أحدهما) أنه لا يجوز له ما يجوز للرعاة وأهل سقاية العباس (لان النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعي وأهل السقاية) (والثاني) أنه يجوز لأنه صاحب عذر فأشبه الرعاة وأهل السقاية) * (الشرح) أما حديث مبيت النبي صلى الله عليه وسلم بمنى ليالي التشريق فصحيح مشهور (وأما) حديث ابن عمر فصحيح رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر أن العباس بن عبد المطلب (أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فاذن له) وفي رواية في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (رخص للعباس بن عبد المطلب أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته) (وأما) حديث عاصم بن عدي فرواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وغيرهم بأسانيد صحيحة قال الترمذي هو حديث حسن صحيح (وأما) ألفاظ الفصل فالسقاية - بكسر السين - وهي موضع في المسجد الحرام يستقي فيه الماء ويجعل في حياض ويسبل للشاربين وكانت السقاية في يد قصي بن كلاب ثم ورثها منه ابنه عبد مناف ثم منه ابنه هاشم ثم منه ابنه عبد المطلب ثم منه العباس رضي الله عنه ثم منه عبد الله ثم منه ابنه على ثم واحد بعد واحد وقد بسطت بيانها شافيا في تهذيب اللغات (قوله) رعاء الإبل هو - بكسر الراء وبالمد - جمع راع كصاحب وصحاب ويجوز رعاة - بضم الراء وهاء بعد آلاف - بغير مد كقاض وقضاه (قوله) ومن أبق له عبد يجوز فيه - فتح الباء وكسرها - لغتان كضرب وشرب والأول أفصح وبها جاء القرآن قال الله تعالى (إذ أبق) ويجوز لعبد آبق
(٢٤٦)