وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة ومالك: ذلك على الوديعة، وأن له أن يسافر بها. وعندنا ليس له ذلك في الوديعة أيضا (1) وكذا إذا أذن له فيه إلى بلد معين، أو شرط أن لا يتجر إلا في شئ معين أو لا يعامل إلا إنسانا معينا لم يجز له مخالفته، فإن خالف لزمه الضمان (2)، وعند الشافعية شرطه أن يكون تجارة غير مضيقة بتعيين وتوقيت فلو شرطه أن يشتري بالمال ماشية لطلب نسلها أو حنطة فيخبزها لم يصح، لأن التجارة هو البيع والشراء دون الصنعة، ولو قال: قارضتك سنة أو شرط ألا تشتري إلا من فلان أو لا تتصرف إلا في الخز الأحمر فهو فاسد للتضييق [120 / أ]، ولو عين جنس الخز جاز (3).
لنا في صحة القراض مع هذه الشروط قوله (صلى الله عليه وآله) المؤمنون عند شروطهم (4) وقوله [(صلى الله عليه وآله)]: الشرط جائز بين المسلمين ما لم يمنع منه كتاب ولا سنة (5)، ولا مانع منه (6).
وإذا سافر بإذن رب المال، كانت نفقة السفر من المأكول والمشروب والملبوس من غير إسراف من مال القراض، ولا نفقة للمضارب منه في الحضر، ومن أصحابنا من اختار القول بأنه لا نفقة له سفرا ولا حضرا قال: لأن المضارب له سهم معلوم من الربح، وليس له أكثر من ذلك إلا بالشرط (7).
وللشافعي فيه ثلاثة أوجه: أحدها، لا ينفق كالحضر. والثاني: ينفق كمال نفقته. كما قلنا. والثالث ينفق القدر الزائد على نفقة الحضر لأجل السفر (8).
وإذا اشترى العامل من يعتقف على رب المال بإذنه صح الشراء وعتق عليه، وانفسخ القراض إن كان الشراء بجميع المال، لأنه خرج عن كونه مالا، وإن كان ببعض المال انفسخ من القراض بقدر قيمة العبد، وإن كان الشراء بغير إذنه وكان بعين المال، فالشراء باطل، لأنه اشترى ما يتلف ويخرج عن كونه مالا عقيب الشراء، وإن كان بغير إذنه وكان الشراء في الذمة فالعبد له، وعليه ضمان ما أعطى من مال القراض ولا خلاف فيها بيننا وبين الشافعية وغيرهم، وإذا اشترى المضارب من يعتق عليه قوم، فإن زاد ثمنه على ما اشتراه، انعتق منه بحساب نصيبه من الربح واستسعى في الباقي لرب المال، وإن لم يزد ثمنه على ذلك أو نقص عنه