والحمامات والمساجد والأرحية وما أشبه ذلك من المواضع، فإن كان الشئ في أحد هذه المواضع مدفونا أو مقفلا عليه فسرقه انسان كان عليه القطع لأنه بالقفل والدفن قد أحرزه، إلى ههنا كلامه رضي الله عنه.
أما حده للحرز بما حده فغير واضح، لأنه قال: والحرز هو كل موضع لم يكن لغير المتصرف فيه الدخول إليه إلا باذنه، وهذا على إطلاقه غير مستقيم لأن دار الانسان إذا لم يكن عليها باب أو يكون عليها باب ولم تكن مغلقة ولا مقفلة ودخلها انسان وسرق منها شيئا لا قطع عليه بلا خلاف ولا خلاف أنه ليس لأحد الدخول إليها إلا بإذن مالكها، ولو كان الحد الذي قاله مستقيما لقطعنا من سرق في هذه الدار لأنه ليس لأحد دخولها إلا بإذن صاحبها فهي حرز على حده رضي الله عنه فأما باقي ما أورده فصحيح لا استدراك عليه فيه، وقوله: والأرحية، جمع رحى لأن بعض الناس يصحفها الأرحبة جمع رحبة وهو خطأ محض.
وإذا نقب انسان نقبا ولم يخرج متاعا ولا مالا وإن جمعه وكوره وحمله لم يجب عليه قطع إلا أن يخرجه بل وجب تعزيره وإنما يجب القطع إذا أخرجه من الحرز، فإذا أخرج المال من الحرز وجب عليه القطع إلا أن يكون شريكا في المال الذي سرقه أو له حظ في المال الذي سرق بمقدار ما أن طرح من المال المسروق كان الباقي أقل من النصاب الذي يجب فيه القطع، فإن كان الباقي قد بلغ المقدار الذي يجب فيه القطع كان عليه القطع على كل حال إلا أن يدعي الشبهة في ذلك وأنه حسبه بمقدار حصته فيسقط حينئذ أيضا القطع بحصول الشبهة ههنا لأنه قال ع:
ادرؤوا الحدود بالشبهات، وهذه شبهة، وكذلك لو تنازع انسان وغيره وقد خرج بالمتاع من داره فقال له: سرقت هذا مني، فقال له: بل أنت أعطيتني إياه، لم وجب عليه القطع للشبهة في ذلك، وإن شهد عليه شاهدان بأنه فتح بابه وأخرج المتاع من منزله لأنه صار حدا متنازعا فيه وكل حد متنازع فيه يسقط للشبهة في ذلك.
ومن سرق من مال الغنيمة قبل أن يقسم مقدار ما يصيبه منها لم يكن عليه قطع وكان عليه التأديب لإقدامه على ما أخذه قبل قسمته، فإن سرق ما يزيد على