تقبل في الزنى شهادة النساء على الانفراد، فإن شهد ثلاثة رجال وامرأتان قبلت شهادتهم في الزنى ويجب بشهادتهم الرجم إن كان المشهود عليه محصنا وسنبين المحصن إن شاء الله، فإن شهد رجلان وأربع نسوة لم يجب بشهادتهم الرجم ويجب بها الحد الذي هي مائة سوط، فإن شهد رجل وستة نساء أو أقل أو أكثر لم يقبل شهادتهم وكان على كل واحد منهم حد الفرية.
وإذا شهد أربعة رجال على رجلين وامرأتين أو ألف قبلت شهادتهم وأقيم على الذين شهدوا عليهم الحد، وإذا رأى الإمام أو الحاكم من قبله تفريق الشهود أصلح في بعض الأوقات بعد أن يكونوا حضروا لإقامة الشهادة في وقت واحد كان ذلك جائزا، وحكم المرأة حكم الرجل في جميع ما ذكرناه على حد واحد في أنه يحكم عليها بالزنى إما بالإقرار أو البينة ويدرأ عنها الحد في الموضع الذي يدرأ فيه الحد عن الرجل لا يختلف الحكم في ذلك إلا ما نبينه فيما بعد إن شاء الله، وإذا أخذ رجل وامرأة فادعيا الزوجية درئ عنهما الحد.
وإذا شاهد الإمام من يزني أو يشرب الخمر كان عليه أن يقيم الحد عليه ولا ينتظر مع مشاهدته قيام البينة ولا الإقرار وكذلك النائب من قبله لأنا قد بينا في كتاب القضاء أن للحاكم أن يحكم بعلمه في جميع الأشياء بغير خلاف بين أصحابنا ولأن علمه أقوى من الإقرار والبينة، وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: ليس ذلك لغير الإمام بل هو مخصوص به وغيره إن شاهد يحتاج أن تقوم له بينة أو إقرار من الفاعل على ما بيناه، وهذا ذكره في كتاب الحدود وإن كان موافقا في غير هذا الموضع على أن للحاكم أن يحكم بعلمه في جميع الأشياء، وإذا كان إجماعنا منعقدا على ذلك فلا يرجع عنه بأخبار الآحاد، وأما القتل والسرقة والقذف وما يجب من حقوق الآدميين من الحد والتعزير فليس له أن يقيم الحد إلا بعد مطالبة صاحب الحق بحقه وليس يكفي فيه مشاهدته إياه، فإن طلب صاحب الحق إقامة الحد كان عليه إقامته ولا ينتظر مع علمه البينة أو الإقرار.