ذلك الحاكم وأنفذ ما ثبت عنده، لا أنه يحكم بصحة الحكم في نفس الأمر، إذ لا علم له بذلك، بل الفائدة فيه قطع خصومة الخصمين لو عاودا المنازعة في تلك الواقعة.
وإن لم يحضرا الخصومة فحكى لهما الواقعة وصورة الحكم، سمى المتحاكمين بأسمائهما وآبائهما وصفاتهما وأشهدهما على الحكم ففيه تردد، والقبول أولى، لأن حكمه كما كان ماضيا كان أخباره ماضيا).
أقول: إن الذي ينهيه الحاكم الأول بالكتاب إلى الحاكم الثاني أمران:
أحدهما: الحكم الذي حكم به بين المتخاصمين: فإن حضر شاهدا الانهاء مجلس التخاصم وسمعا ما حكم به الحاكم في الواقعة بل وأشهد هما على حكمه ثم جاءا فشهدا بحكم الحاكم الأول عند الثاني فإنه يثبت بذلك حكم ذلك الحاكم، وعلى الثاني انفاذه وفصل الخصومة المتجددة بين الخصمين في نفس تلك الواقعة، وليس له الحكم بصحة حكم الأول في الواقع لأنه لا علم له بذلك، وقد نهى الشارع عن القول بلا علم.
وإن لم يحضر شاهدا الانهاء مجلس التخاصم، بل حكى الحاكم الأول لهما الواقعة شارحا صورة النزاع وحضور المتنازعين عنده وصورة حكمه، وذكر المتحاكمين بأسمائهما وأسماء آبائهما وصفاتهما المشخصة وأشهد الشاهدين على حكمه ففي ثبوت الحكم بشهادتهما عند الحاكم الثاني تردد عند المحقق قده لكن قال (والقبول أولى) قال في الجواهر: (وفاقا للأكثر، بل لم أجد فيه خلافا سوى ما يحكى عن الشيخ في الخلاف، بل قيل: إنه ظاهره دعوى الاجماع عليه، إلا أني لم أجد من وافقه عليه سوى بعض متأخري المتأخرين، بناء منهم على أن الأصل يقتضي عدم جواز الانفاذ في غير صورة القطع لأنه قول بغير علم، خرج ما خرج وبقي ما بقي) وقد رجح المحقق هنا القبول بعد التردد بخلاف مسألة الانهاء بالقول مشافهة