المتيقن، هو اختصاص الحكم بصورة الالتجاء، فإن القاعدة تقتضي عدم تأخير في الحد غاية الأمر إن الدليل اقتضى خروج المجرم الملتجئ، فيقتصر على هذا المقدار، وعليه فالداخل لا للالتجاء يقام عليه الحد في الحرم (1).
لأنا نقول: هذا خلاف مقتضى ظاهر الآية فإنها تفيد أن الحرم، حرم الأمن ومحل الأمان وهذا بظاهره آب عن التخصيص بما إذا كان قد دخله لا للالتجاء حتى يفيد أنه ليس آمنا له.
لا يقال: إن هذا العموم قد خصص قطعا لأنه إذا دخل الحرم وجنى فيه فإنه يقام عليه الحد فيه.
لأنا نقول: لعل العام كان من أول الأمر منصرفا عمن دخل الدار وجنى فيه، ألا ترى أنه لو قيل: إن دار العالم الفلاني محل أمن وأمان، فإنه منصرف عمن دخل دار هذا العالم ليقتله؟ وعلى الجملة فلا وجه للتقييد بالالتجاء أصلا بل الحكم لكل من دخل الحرم وإن لم يكن ملتجيا بل قد دخله للعبادة ولنسك الحج والعمرة مثلا.
فتحصل أنه لا يجوز إقامة الحد على الداخل مطلقا خصوصا الملتجئ به ما دام فيه بل يضيق عليه حتى يخرج فإذا خرج يقام عليه الحد.
الخامس: إن صريح صحيح هاشم: لا يطعم ولا يسقى ولا يكلم ولا يبايع، كما أن المحقق قال: يضيق عليه في المطعم والمشرب ليخرج، انتهى، ومن المعلوم أنه إذا منع مطلقا وبالكل عن الطعام والشراب فهو ادعى لأن يخرج ويستوفى منه الحد مما إذا أعطى الماء والطعام قليلا، فكيف قال صاحب الجواهر بشرح عبارة الشرايع: بأن يقتصر على ما يسد به الرمق انتهى ولماذا أضاف ذلك وفسر التضييق باعطاء ما يسد به رمقه ودفع مقدار يسير من الماء والغذاء إليه؟
هذا مضافا إلى أن مقتضى ذكر (لا يسقى ولا يطعم) عقيب ذكر عدم الحد أنه لا يسقى ولا يطعم أصلا.