وتقريره يدل على الوجوب ولزوم مراعاة هذا الأمر، وعلى الجملة فلو لم نقل بالوجوب جزما فلا أقل من كونه هو الأحوط، وعلى هذا فلا وجه للقول بالاستحباب بل اللازم مراعاة أن لا يلزم ضرر وأذية زائدة على ما هو اللازم من طبع الحد.
ثم إنه هل وجوب ذلك على نحو وحدة المطلوب أو تعدده؟ وتظهر الثمرة فيما إذا خالف مجري الحد وأقامه في هواء غير معتدل فإنه على الأول يترتب أمران أحدهما إنه على ذلك لم يقم الحد بل كان ما فعله جناية بخلاف ما إذا كان وجوب مراعاة الوقت من باب تعدد المطلوب ومن قبيل الواجب في الواجب فإن الحد قد تحقق وصح وإن كان المجري قد عصى الله باجراء الحد في غير الوقت المفروض، ثانيهما إن مقتضى القاعدة هو تكرار الحد على فرض وحدة المطلوب دون فرض تعدده والأصناف إن الحكم بتكرار الحد مشكل كما أن الحكم بسقوط الحد أيضا غير واضح.
وأما استظهار هذا المذهب أو ذاك فنقول: مقتضى ظاهر كلمات العلماء هو تعدد المطلوب وإن المقام من قبيل الواجب في الواجب فإنهم كما تقدم يتمسكون بخوف التلف وخشية الهلاك، وهذا يفيد أن الواجب اثنان أحدهما إقامة الحد ثانيهما عدم التسريع عند خوف التلف نظير ما مضى في المريض من أنه لا يقام عليه الحد في حال المرض لخوف الهلاك بل يؤخر إلى أن يحصل له البرء أو يقام عليه الحد بالضغث.
هذا لكن ظاهر تقرير الإمام عليه السلام: لكل حد حد، هو وحدة المطلوب فإن ظاهر ذلك أنه إذا تعدى الحد عن مقرراته ومحدودته فليس هو هذا الحد وإنما الحد هو الحد المخصوص مع ما اعتبره الشارع فيه، ولعل نظر العلماء رضوان الله عليهم أجمعين إلى أن خوف الهلاك علة أو حكمة في جعل هذا الحكم على سبيل وحدة المطلوب.
والانصاف أنه يمكن أن يستفاد من روايات الباب إن هذا من باب تعدد المطلوب وذلك لأنه وإن كان الإمام عليه السلام أنكر عليهم فيها اجراء الحد في