أقول: وذلك لأن المفروض أنه قد زنى في حال كونه مكلفا أي أنه كان عاقلا ثم عرض له الجنون فلا مانع من إقامة الحد عليه.
ويدل على ذلك صحيح أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام في رجل وجب عليه الحد فلم يضرب حتى خولط، فقال: إن كان أوجب على نفسه الحد وهو صحيح لا علة به من ذهاب عقل أقيم على الحد كائنا ما كان (1).
وفي المسالك: ثم إن كان قتلا لم ينتظر بالمجنون الإفاقة وإن كان جلدا ففي انتظار إفاقته إن كان له حالة إفاقة وجهان، من أنه أقوى في الردع، ومن اطلاق الأمر بإقامته عليه في صحيحة أبي عبيدة عن الباقر عليه السلام، وهذا أجود.
وأورد عليه في الجواهر في احتماله الانتظار بقوله: والأقوى خلافه للأصل وصحيح أبي عبيدة، ثم فرع على هذا قوله: فما عن بعض من احتمال السقوط في المطبق مطلقا وآخر من السقوط كذلك أن لم يحس بالألم وكان بحيث ينزجر به، كالاجتهاد في مقابلة النص والفتوى.
أقول: ويمكن توجيه ما احتمله في المسالك وهذا البعض، بأن المقصود الأصلي من الضرب هو ردع المضروب وعقابه على عمله القبيح، والمجنون إذا كان بحيث لا يدرك ولا يحس أصلا فلا فائدة في ضربه وجلده لأن ضربه وضرب الحجر والجدار على حد سواء، ولماذا يضرب وهو لا يدرك الألم الآن، ويتذكر بعد أن أفاق، إنه قد جلد في حال جنونه.
لا يقال: فكيف يقام عليه حد القتل والرجم إذا كان قد أتى بسبب ذلك في حال عقله؟
لأنا نقول: فرق بين هذا وذاك فإن المقصود في باب القتل والرجم هو اعدام هذا الشخص، وأن لا يبقى في صفحة الوجود في حين أن المقصد الأعلى في باب الجلد هو تأديبه وإذاقته ألم الجرم والمعصية وارتداعه وانزجاره عن العود إلى ما اقترفه من المعاصي وهذا لا يحصل بدون الحس والادراك. اللهم