ويمكن أن يقرر بأن المحصن يرجم باجماع المسلمين سواء كان شيخا أو شيخة أو شابا أو شابة وعلى هذا فرواية محمد بن قيس الدالة بظاهرها على جلد الشيخ والشيخ خلاف الاجماع فلذا تخصص بسبب الاجماع، بغير المحصن، فهما يجلدان إذا كانا غير محصنين وبعبارة أخرى يجلدان إلا إذا كانا محصنين فإنه يجب رجمهما.
لكن التخصيص لا يخلو عن كلام وذلك لأن تقديم الخاص على العام إنما يكون من باب ظهور الخاص الأقوى أي أظهريته من العام بلحاظ خصوص الخاص ونفس العام، وأما إذا حصل التقييد من الخارج فهذا لا ينافي ظهور العام ولا يفيد في تخصيصه لأن ظهور العام بعد محفوظ بحاله ولا يحصل خلل فيه فلا يصح أن يقال إن ما دل على رجم الشيخ والشيخة مطلقا محصنين كانا أو غير محصنين يخصص ويقيد بسبب الاجماع القائم على رجم الشيخ المحصن بما إذا كانا محصنين فيقيد العام الدال على جلدهما بما إذا كانا غير محصنين، وعلى الجملة فالقول بأن الشيخ والشيخة المحصنين حكمهما الرجم علما منا بذلك من الخارج بالاجماع مثلا لا ينفع في تخصيص العموم.
نعم يمكن الجمع بينهما بأن يقال: إن لرواية محمد بن قيس دلالتين دلالة اثباتية ودلالة سلبية أما الأولى فهي دلالتها على وجوب الجلد، ولا تعارض بينهما وبين روايات الرجم وأما الأخرى فهي دلالتها على نفي الرجم، ومن هذه الجهة يحصل التعارض بينهما إلا أن الرواية ليست بحجة من هذه الجهة والحيث، لأنه يؤول إلى مخالفة الاجماع في بعض الفروع وهو ما إذا كانا محصنين فإن الاجماع قائم على وجوب الرجم هناك. وإذا سقط دلالتها السلبية عن الحجية والاعتبار فلم يبق للرواية إلا حيث اثبات الجلد وقد مر آنفا أن وجوب الجلد واثباته لا ينافي وجوب الرجم بدليل آخر، وعلى هذا فشأن رواية ابن قيس شأن الآية الكريمة التي قد يستظهر منها إن مطلق الزاني يجلد ولا تعرض فيها للرجم، فبذلك يرتفع التعارض بين القسمين.