المسالك قائلا: أما سقوطه بتوبته قبل قيام البينة فلأن التوبة تسقط الذنب وعقوبة الآخرة فعقوبة الدنيا أولى انتهى وكذا صاحب الرياض حيث قال: ولسقوط عقوبة الآخرة بالتوبة فالدنيا أولى.
وفيه أن الأولوية لو كانت تنهض دليلا للسقوط فلم لا تدل على السقوط في التوبة بعد الثبوت فإنه لا فرق فيها بين قبل الثبوت وبعده مع أنهم فرقوا بينهما ولا يقولون بسقوط الحد لو تاب بعد البينة.
ثالثها الأخبار الواردة في المقامين المتعين التمسك بها.
ففي مرسل جميل بن دراج عن رجل عن أحدهما عليهما السلام في رجل سرق أو شرب الخمر أو زنى فلم يعلم بذلك منه ولم يؤخذ حتى تاب وصلح؟ فقال: إذا صلح وعرف منه أمر جميل لم يقم عليه الحد، قال ابن أبي عمير: قلت: فإن كان أمرا قريبا لم يقم؟ قال: لو كان خمسة أشهر أو أقل منه وقد ظهر أمر جميل لم يقم عليه الحدود (1).
قال العلامة المجلسي: مرسل كالصحيح بسنديه ويدل على أنه يسقط الحد بالتوبة قبل ثبوته وهو موضع وفاق (2).
أقول: لا شك في ارسال الخبر إلا أن المرسل هو جميل، ومراسيل جميل في حكم المسانيد. هذا مضافا إلى أنه معمول به فلم نعثر على مخالف لا من القدماء ولا من المتأخرين، وعمل الأصحاب جابر لضعف الخبر على ما هو المبنى وإن خالف فيه بعض العلماء، ومن المعلوم أن السؤال كلي لا شخصي، وعلى ذلك فكل من تاب قبل قيام البينة فلا يحد.
وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل أقيمت عليه البينة بأنه زنى ثم هرب قبل أن يضرب قال: إن تاب فما عليه شئ وإن وقع في يد