ولقد خص الله هذه المدينة ببركة عظيمة من حيث يزرع بأرضها القطن، والسمسم، والدخن، والكرم، والمشمش، والتين، يسقى بماء المطر، وهي مسورة بحجر أسود، و القلعة بجانب السور لأن المدينة في وطأ من الأرض، والقلعة على جبل مدور، لها خندق عظيم، وصل حفره إلى الماء، وفيها مقامان للخليل عليه السلام يزاران إلى الآن، وفي بعض ضياعها بئر إذا شرب منها من عضه الكلب الكليب برأ.
ومن عجائبها سوق الزجاج لكثرة ما فيها من الظرائف اللطيفة، والآلات العجيبة. (1) التشيع في حلب عبر القرون دخل التشيع في حلب قبل عهد الحمدانين (293 - 392) ولكنه انتشر وقوى فيها على عهدهم وذلك لأن الدولة الحمدانية كانت من الدول الشيعية، يجاهرون بالتشيع وينصرونه وكانوا يكرمون الأدباء والشعراء والعلماء والمحدثين، وخصوصا الذين يجاهرون منهم بالتشيع وولاء أهل البيت. ومن أبرز شعراء الحمدانين أبو فراس الحمداني (320 - 357) وله القصيدة الميمية الطائرة الصيت التي مستهلها:
الحق مهتضم والدين مخترم * وفئ آل رسول الله مقتسم إلى أن قال:
قام النبي بها يوم الغدير لهم * والله يشهد والأملاك والأمم حتى إذا أصبحت في غير صاحبها * باتت تنازعها الذؤبان والرخم وصيروا أمرهم شورى كأنهم * لا يعلمون ولاة الحق أيهم تالله ما جهل الأقوام موضعها * لكنهم ستروا وجه الذي علموا ثم ادعاها بنو العباس ملكهم * ولا لهم قدم فيها ولا قدم