وسلطنتهم المعنوية على جميع الموجودات من هذا القبيل، نظرا إلى أنهم وسائط الفيض ومجاريها، وفي رتبة فاعل ما به الوجود لا ما منه الوجود، وبهذا الاعتبار بهم يتحرك المتحركات وتسكن السواكن، فالولاية بهذا المعنى ليست اعتبارية، على حد ولاية الله تعالى.
نعم لهم (صلوات الله عليهم) الولاية المجعولة لترتيب سنخ آخر من الأثر، كما أن لهم الملكية الاعتبارية بالنسبة إلى ما ملكوه بالبيع ونحوه، فلا منافاة بين مالكيتهم بالمعنى الأول لمن عداهم من الملاك أملاكهم، مع عدم كونهم مالكين بالمعنى الثاني إلا لأملاكهم الخاصة، أو لما جعله الله تعالى ملكا لهم كالأنفال والخمس.
ومنه يظهر أن ولاية الحاكم الشرعي ليس من رشحات ولاية الله تعالى وولاية ولاة الأمر بالمعنى الأول، بل من شؤون ولايتهم بالمعنى الثاني كما هو واضح.
ومما ذكرنا - من أن الاعتبار في مورد الثبوت التحقيقي لغو - يظهر أن كون الشخص أملك بنفسه من غيره، ونسبة المالكية إلى نفسه وإلى فعله ليس بالاعتبار، وأنه لا دخل له بالملك الاعتباري الذي يترتب عليه الآثار، فإن وجدان كل موجود لنفسه كوجدان كل ماهية بوجدان ماهوي لنفسها - ضروري الثبوت، ومالكيته لفعله بملاحظة أن الشخص في حركاته وسكناته تابع لاختياره وإرادته، فهو أملك بفعله من غيره، وكون زمام فعله بيده حقيقي واقعي لا بجعل واعتبار من الشارع أو من غيره.
ولذا لو كان نسبة شخص إلى آخر كذلك بحيث كان طوع إرادته صح أن ينسب إليه أنه يملكه كما يملك نفسه، من حيث كون زمام أمره خارجا بيده، ولذا قال تعالى: * (لا أملك إلا نفسي وأخي) * (1) لانقياد هارون لموسى، فزمام أمره بيده خارجا لا اعتبارا، فهذه الملكية أيضا بالحقيقة لا بالاعتبار، كي يترتب عليه آثار الملك الشرعي والعرفي.
ونظيره استحقاقه تعالى للعبادة الذاتية التكوينية، فإن معنى العبادة التكوينية