ثبوت من غيره.
وبالجملة: فلم أجد في الاستعمالات القرآنية وغيرها ما يأبى بمفهومه عن الثبوت، نعم الثابت تارة حكم، وأخرى ملك، كما في صدق الحق على الملك في باب القضاء باعتبار ثبوته على المدعى عليه، وثالثة السلطنة وأشباهها من الاعتبارات الثابتة للشخص.
بيانه: أن نفس الثبوت من دون إضافته إلى شئ غير قابل لاعتبار صحيح، بل هو لغو من حيث عدم الأثر لاعتبار الثبوت المطلق، فلا بد من إضافته إلى شئ ليكون اعتبار ثبوت شئ لشئ (1)، ومن الواضح أن موارد الحق ومتعلقاته لا تكون قابلة لاعتبار ثبوتها للشخص بنفسها، فلا معنى لاعتبار ثبوت الأرض للشخص، بل الصحيح اعتبار ثبوت ملكه لها أو سلطنته عليها، كما لا معنى لاعتبار ثبوت الفسخ مثلا، فإن معنى اعتبار ثبوته بنفسه هو اعتبار كون الشخص فاسخا - مع أن المراد إثبات كونه مالكا له أو مسلطا عليه -، وهكذا في سائر الموارد، فلا محالة يجب أن يكون الثابت أمرا اعتباريا متعلقا بمورد الحق كالملك أو السلطنة أو إضافة أخرى.
ثم إن اعتبار ثبوت شئ لشئ إنما يصح إذا لم يستغن عنه بثبوته له حقيقة، وإلا كان الاعتبار لغوا، ومنه يظهر أن ملكه تعالى وسلطانه على معلولاته ليس بالاعتبار، ليجعل من جملة موارد الملك والحق وأشباههما، فإن إحاطته تعالى إحاطة وجودية، لارتباط جميع الموجودات بنفس ذواتها به تعالى بنفس وجودها الذي هو عين إيجاده تعالى، فهي ثابتة له تعالى بذواتها من دون حاجة إلى اعتبار ثبوتها له تعالى، ومحاطة له تعالى بنفس وجودها الارتباطي به تعالى، ومقهورة تحت قهره وسلطانه تعالى، فإن تقلبها الوجودي لا يكون إلا بعين إيجاده تعالى، وهذا الارتباط الوجودي مناط ملكه تعالى وسلطانه وإحاطته وشهوده ووجدانه وعلمه الفعلي ومشيئته الفعلية، وهو المعبر عنه بالإضافة الوجودية والاشراقية.
ومما ذكرنا يظهر أن كيفية ولاية النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (صلوات الله عليهم)