إلى الدار لا بأس بأن تكون مملوكة لمالك الدار.
بيانه: أن الكون في الدار عرض واحد قائم بالشخص، وله نسبة إلى المكان كسائر الأعراض النسبية التي لها قيام بموضوعاتها، ونسبة إلى غير موضوعاتها، في قبال الأعراض الغير النسبية التي لها مجرد النسبة إلى موضوعاتها، فالكون الواحد الذي له تعين وضعي قياما أو قعودا أو غيرهما - من حيث قيامه بالساكن - يصحح انتزاع عنوان من الساكن، ومن حيث نسبته إلى الدار يصحح انتزاع عنوان من الدار، لا أن هناك مبدئان حقيقيان قائمان بالساكن.
نظير العلم فإن قيامه بذات العالم يصحح انتزاع عنوان العالم منه، وتعلقه بالمعلوم بالذات - وهي الماهية المقومة لصفة العلم - مصحح لانتزاع عنوان المعلوم منها، لا أن هناك صفتان تقوم إحداهما بالعالم والأخرى بالمعلوم، وإن كان يمكن في بعض العناوين المتضائفة قيام مبدئين بمطابق العنوانين، كالكون في المكان العالي والكون في المكان السافل للسقف وللأرض، فإنهما فردان من مقولة الأين، تعين أحدهما بخصوصية العلو والآخر بخصوصية السفل.
وحيث عرفت أنه في مثل سكنى الدار وركوب الدابة ليس إلا عرض واحد قائم بالساكن والراكب فقط، مع النسبة إلى الدار والدابة، تعرف أن منفعة الدار سكناها - أي ذلك العرض الذي له نسبة إليها - وبسكناها ينتفع بها، لا بالعنوان المضائف لعنوان الساكن المتأخر رتبة عن السكنى التي لها نسبة إليها، وحيث إن السكنى - من حيث تقومها بهذه النسبة المتقومة بالدار منفعة الدار - فلا محالة يكون زمام أمرها بيد مالك الدار، فيعتبر وجدانها لواجد الدار شرعا أو عرفا، لا من حيث عرضيتها لذات الساكن، ولا يخفى أن منفعة الدار حينئذ طبيعي سكناها من دون لحاظ قيامها بزيد وعمرو، فإذا ملكها المؤجر للمستأجر فقد ملك طبيعي السكنى، وهي قابلة للتمليك لآخر، لتحقق هذا الطبيعي في مقام الاستيفاء من كل أحد، بخلاف العارية الموجبة لملك الانتفاع فإنها تمليك سكنى زيد لزيد، ولا يعقل استيفائها إلا من زيد، فلذا لا يعقل نقلها من المستعير.