فرض الأجرة المسماة في العقد، بل يمكن أن يقال بخروجه عن موضوع المسألة رأسا، فإن الأجرة من مقومات الإجارة لا من شرائط تأثير عقد الإجارة حتى يدخل في موضوع الإجارة الفاسدة، فلا تعمه قاعدة " ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده " (1) إلا باخراجه عن عنوان الإجارة وادراجه في العارية الفاسدة.
ومختصر الكلام في موضوع الإجارة بلا أجرة أو بشرط عدم الأجرة: إن العاقد والشارط إن كان ملتفتا إلى حقيقة الإجارة فلا يعقل منه التسبب الجدي إلى إيجاد الإجارة بلا أجرة، فإن ايجاد الشيء بدون مقومه محال فلا يتوجه إليه القصد الجدي من المتلفت، وكذا إذا كان قاصدا للإجارة المشروطة بعدم الأجرة، فإن قصد هذا الخاص المنافية خصوصيته لحقيقة ذات الخاص قصد أمرين متنافيين، وأما إذا قصد حقيقة الإجارة بقوله " آجرت " ثم بعد انشائه بدا له أن يعقبه بالغاء مقومه أو بالالتزام بعدم مقومة فإن كان مع بقائه على قصد التسبب إلى حقيقة الإجارة فهذا القصد الحادث لا يتمشى منه، وإن كان قصده الغاء الخصوصية ليكون عارية فهو باق على التسبب إلى التمليك لا على التمليك بالأجرة فهو إجارة انشاء حدوثا وعارية بقاء. ففيه أن انشاء التسليط على الانتفاع هو مفاد العارية فمجرد الغاء العوض لا يجدي في انعقاده عارية بقاء. وإن كان قصده من الأول هذا المعنى معبرا عنه بلفظ الإجارة كانت صحته موقوفة على جواز عقد العارية بلفظ آجرت، وعلى فرض صحته يخرج عن موضوع البحث وهو عدم الضمان في المقبوض بعقد الإجارة الفاسدة، فإنه مقبوض بعقد العارية الصحيحة.
ومختصر الكلام فيما يترتب على الموضوع الفاسد أو غير المعقول الذي تمشى القصد إليه من عاقده لعدم التفاته إلى استحالته: هو أن الاعتبار إذا كان بمدارك قاعدتي ما يضمن وما لا يضمن لا بهما فلا بد من بيان دافع لما تقتضيه قاعدة الاحترام والاتلاف واليد، ولا دافع لها إلا توهم الإذن في التصرفات بلا عوض