يكره وإنما الواجب ما كان تحت اليد من حيث كونه أمانة شرعية أو مالكية كما سيجئ الكلام فيه إن شاء الله تعالى. هذا هو الكلام في الحفظ من الجهتين غير المرتبطتين بمرحلة الإجارة.
وأما الحفظ من الجهات المربوطة بها فنقول: أما عقد الإجارة بما هو فلا اقتضاء له إلا لتمليك المنفعة فقط. نعم من يقول بأنها تمليك العين في مدة خاصة بجهة خاصة فربما يوهم وجوب الحفظ من حيث إن نفقة المملوك على مالكه. وأما اقتضاء الشرط الصحيح الصريح فهو تابع لكيفية الاشتراط ولا كلام فيه. وأما اقتضاء الشرط الضمني فهو إنما يسلم إذا دفعه المالك إلى المستأجر من دون أن يكون هو أو عملته وأكرته مع الدابة، كما في البغلة في صحيح أبي ولاد (1) فإن المتعارف في مثله كون الدابة في كفالة المستأجر، وفي غيره لا دليل على الالتزام الضمني بحفظه.
وأما اقتضاء التأمين إجراء أحكام الأمانة عليه ومنها حفظها بسقيها وعلفها، فمختصر القول فيه أن التأمين تارة عقدي كالوديعة وأخرى خارجي، وتمام حقيقته التسليط عن رضاه. فالأول حيث إن حقيقته الاستنابة في الحفظ فلا بد من رعاية حال ما تعهد بحفظه بجميع شؤونه ما دام العقد باقيا، والثاني ليس مقتضاه إلا كون استيلائه عن رضا المالك، فلا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط الموجب لخروج اليد عن كونها مأذونة، وكون ترك الحفظ تفريطا فرع وجوب الحفظ ومعنى التأمين بالمعنى الأعم أن المالك حيث رآه أمينا مأمونا من التعدي والتفريط فلذا سلطه على ماله ولم يشترط عليه الضمان بجعل تسليطه مقيدا به.
(وأما الثاني) وهو الرجوع بعوض ما بذله في مقام حفظه فنقول: إن وجوب الحفظ بأي وجه من الوجوه المتقدمة لا اقتضاء من حيث المجانية وعدمها، ومجرد احترام العمل أو احترام المال المبذول لا يوجب الرجوع إلى من وصل نفع العمل أو