فالكسر وإن كان فاعله الطبيعي اصطكاك المحمول مع الأرض، إلا أنه مترتب على العثرة القائمة بالحمال ترتب المعد له على المعد فيكون متولدا من فعل غير اختياري قائم بالحمال، بخلاف ما إذا هب ريح شديد فأوقعه على الأرض فكسره، لعدم تولد الكسر من الحمل. وعدم استناد هبوب الريح إلى الحمال فتدبر.
و (منها) أن التلف الذي يترتب على أعمال الصنعة ربما يكون لخطأ الصانع وسبق يده بحيث جاز حد الختان مثلا، وربما يكون لعدم قابلية المحل لضعف مزاج الطفل وعدم تحمله للجرح، وكعدم قابلية الثوب للقصارة على الوجه المتعارف من الفرك والدلك، لكونه عتيقا ينخرق بالقصارة، ومثله وإن كان كالأول اتلافا من الصانع نظير ما إذا جرح انسانا ضعيف المزاج فقتله، فإنه لا شبهة في أن القتل لمثل هذا الشخص مستند إليه، إلا أن الأمر في مثل هذه الإجارة دائر بين صحتها وعدم الضمان وفسادها والضمان كما نبهنا عليه في بعض المسائل المتقدمة من أن استيفاء المنفعة إذا كان لازمه العادي نقصا في العين لا يوجب الضمان كركوب الدابة في مدة طويلة، فإنه يوجب هزالها وجرح ظهرها وأشباه ذلك، فكذا هنا، فإن قصارة هذا الثوب ملزوم عادة لخرقه، فهو اتلاف مأذون فيه من قبل مالكه وكذا ختان الطفل الضعيف إذا كان جائزا بحسب الظاهر لأبيه وجاز له الاستيجار شرعا، فهو اتلاف مأذون فيه شرعا ومن قبل الولي، وإن كان مع العلم بكون الختان مضرا لم يجز للولي ختانه ولما جاز شرعا الاستيجار له.
وأما الطبيب الحاذق المباشر، فتارة نقول إنه مكلف بحفظ النفس المحترمة بعلاج المرض، فمثل هذا يستحيل أن يستلزم الضمان، فإن التلف لا يكون إلا بخطأ منه، فالموضوع وهو علاج واقعا وإلا لا نسد باب الطبابة وعلاج المرضى مع مسيس الحاجة إليه، ومثله لا ضمان معه، وعليه ينزل أخذ البراءة من المريض أي الإذن في العلاج على نحو لا ضمان معه، وإلا فاشكال البراءة عن الضمان قبل حدوث موجبه موجه، والإذن في اتلاف نفسه أو طرفه غير سائغ شرعا، فلا محيص عما ذكرناه. هذا مختصر القول فيما تقتضيه القاعدة.