الواجب على العبد تحصيل نفقته مع عدم وجوبها على مولاه، لانقطاع علاقة الملكية الموجبة للنفقة وعدم وجوبها على المستأجر، لعدم الموجب لها رأسا مع فرض عدم مال للعبد ليتقوت به ويحفظ به حياته، فلا بد من التكسب عليه. وهو لا يجتمع مع صحة الإجارة في جميع الأوقات، وأخرى بعد صحة الإجارة حتى من هذه الجهة فنقول:
أما صحة الإجارة مطلقا فمنشأ بطلانها في خصوص زمان التكسب لتحصيل النفقة. إما منافاة وجوب التكسب لمالكية المولى لهذه المنفعة في هذا الزمان فلا يملك حتى يملك، وإما منافاته للقدرة على التسليم المشروطة بها صحة الإجارة المطلقة.
وتندفع الأولى بأن عدم تمكن المولى من بذل النفقة أو امتناعه عن بذلها لا يوجب خروج منفعة العبد عن ملكه، بل يجب عليه مع عدم مال آخر بذل منفعة العبد له من باب ايصال النفقة إليه، ومع الامتناع يجب على العبد استيفاء المنفعة المملوكة لمولاه لتدارك نفقته، كما في المضطر إلى أكل مال الغير، فإن الاضطرار والوجوب على الطرفين لا يوجب خروج المال عن ملك صاحبه. فيعلم مما ذكرنا أن هذه المنفعة في هذا الزمان أيضا مملوكة لصاحبها، فله تمليكها للغير واقعا.
وتندفع الثانية بأن القدرة على التسليم والتسلم لا تنافي وجوب بذل المال المقبوض للمستأجر. فهذه المنفعة المقبوضة بقبض العين حدوثا وبابقائها تحت يده بقاء يجب على المستأجر بذلها في هذا الزمان، كما إذا آجره الدار في مدة واضطر مسلم إلى سكناها في بعض المدة، فإنه لا منافاة بين صحة الإجارة ووجوب بذل السكنى للمضطر. ولا يتوهم أحد أن الاضطرار أو الوجوب مناف لصحة الإجارة أو مساوق لعدم قدرة المستأجر على تسلم المنفعة.
وأما تعيين من تجب عليه النفقة بعد صحة الإجارة من جميع الوجوه، فمختصر القول فيه إما على المستأجر فلا موجب له بعد عدم الاشتراط عليه وعدم عادة مستمرة وعدم كونه من الأجير المنفذ في حوائجه. وإما على المؤجر فلضعف ما قيل في وجوبها عليه من أنه كالباقي على ملكه لوصول عوض نفقته إليه في هذه المدة، فإنه في قوة