المقتضية للتسليط بعد العقد كان عن رضاه والظاهر بقاؤه بخلاف ما نحن فيه، فإن المستأجر هنا هو مالك للعمل، فدفع العين إلى الأجير مع عدم اللابدية يكشف قطعيا عن الرضا. ومن الواضح كما قدمناه سابقا أن اليد المأذونة لا ضمان عليها إلا إذا خرجت عن كونها مأذونة بتعد أو تفريط، فما في الشرايع هنا موافق للقاعدة.
وأما الثاني: وهو ما هو مفاد الأخبار فهي مختلفة، ففي بعضها كرواية معاوية بن عمار عدم الضمان مطلقا قال: " سألته عليه السلام عن الصباغ والقصار؟ قال عليه السلام: ليس يضمنان " (1) وفي بعضها الآخر عدم التضمين إن كان مأمونا، كما في الصحيح عن أبي بصير: " لا يضمن الصائغ ولا القصار ولا الحائك إلا أن يكونوا متهمين " (2). وفي بعضها وهو الأغلب التضمين مطلقا والأصل فيه ما عن أمير المؤمنين عليه السلام من تأسيس أصل كلي في ضمان هؤلاء احتياطا على أمتعة الناس (3)، بل في بعضها " لا يصلح الناس إلا أن يضمنوا " (4). وفي الصحيح عن الحلبي قال: " قال أبو عبد الله عليه السلام: كان أمير المؤمنين عليه السلام يضمن القصار والصائغ احتياطا على أموال الناس وكان أبي يتطول عليه إذا كان مأمونا " (5). وظاهره التطول عملا مع جواز التغريم كما هو صريح رواية أخرى:
" كان يضمن القصار والصواغ ما أفسد، وكان علي بن الحسين عليه السلام يتفضل عليهم " (6). فإن مورده الجناية في الصنعة. وقد مر أنها موجبة للضمان. والغرض أن التفضل والتطول منهم عليهم السلام مطلقا أو فيما إذا كان مأمونا لا يقتضي اختصاص الحكم الاحتياطي الذي أسسه أمير المؤمنين عليه السلام بصورة التهمة