قلت لأبي عبد الله عليه السلام: " إني أتقبل الثوب بدرهم وأسلمه بأقل من ذلك لا أزيد على أن أشقه؟ قال عليه السلام: لا بأس بذلك. ثم قال عليه السلام: لا بأس فيما تقبلت من عمل استفضلت فيه " (1). نظرا إلى ذيل الرواية، حيث إنه عليه السلام نفى البأس عنه بلا تقييد منه. والقيد المذكور في السؤال من الراوي دون الإمام عليه السلام.
ولعل النكتة في ذكر الكلية بعد الجواب أن التقبيل الذي يطلب فيه الفضل لا بأس به مطلقا بلا حاجة إلى إعمال عمل ولو مثل شق الثوب، ولكنه كما يحتمل ذلك يحتمل التعميم في مثل الفرض المذكور الذي هو القدر المتيقن في مقام التخاطب، ومع فرض الاطلاق فمقتضى القاعدة حمل المطلق على المقيد. فلا تصل النوبة إلى حمل الظاهر على النص بملاحظة أن أدلة المنع ظاهرة في المنع. وقوله عليه السلام: (لا بأس) نص في الجواز مضافا إلى المروي من أن فضل الأجير حرام، فإن الظاهر إضافة المصدر إلى الفاعل لا المفعول، لكنه يبعده ورود مثله في مساق البيت والحانوت كما تقدم الكلام فيه، حيث قال عليه السلام: " إن الأرض ليست مثل الأجير ولا مثل البيت، إن فضل البيت وفضل الأجير حرام " (2).
تنبيه: الكلام في تسليم العين في مورد التقبيل من آخر من حيث لزوم كونه بإذن مالكها وإلا لكان الأجير ضامنا كالكلام في العين المستأجرة إذا آجرها المستأجر من غيره حرفا بحرف فراجع. نعم يمتاز المقام بخصوصية وهي أن الغالب فيمن يتقبل الخياطة أنه لا يخيط بنفسه، بل يدفعه إلى صناعه وأجرائه كما هو المرسوم في مثل الخياطة، فالإذن في الاستيلاء على العين لعمل الخياطة المتعارف كونه بالتسبيب لا بالمباشرة إذن في تسليط الغير، كما أن ما نحن فيه أولى من المسألة المتقدمة من وجه آخر بالنسبة إلى نفس الأجير، فإن استيلاء المستأجر على العين