وجوب دفع القيمة على تقدير التلف، وأخرى تبدل عهدة العين بعد تلفها بذمة المثل أو القيمة، وثالثة بقاء العهدة على حالها إلى أن تسقط بأداء بدل العين، فكما أن مقتضى الأصل البراءة عن القيمة الزائدة على ما هو المتيقن في الشبهة الحكمية فكذا في الشبهة الموضوعية، وكما أن الأصل عدم اشتغال الذمة بأزيد من المتيقن في الشبهة الحكمية فكذا في الموضوعية، بخلاف ما إذا قلنا ببقاء العين في العهدة وأنها لا تسقط إلا بأداء بدلها فإنه بأداء الأقل لا يقطع بسقوط العهدة المتيقنة من دون فرق حينئذ بين الشبهة الحكمية والموضوعية، وعليه فالأصل بناء على المبنيين الأولين مع المستأجر وبناء على المبنى الأخير مع المالك، فيكون مقتضى هذه الرواية موافقا لصحيحة أبي ولاد (1).
والتحقيق أن المالية لها اعتبارات ثلاثة وهي اعتبار بشرط شئ وبشرط لا ولا بشرط، والأولان وإن كانا متضمنين لخصوصية وجودية أو عدمية يجب التنبيه عليها، دون المطلق واللا بشرط القسمي، فإنه يكفيه عدم الدال على إحدى الخصوصيتين، إلا أنه قد اعتبرت في باب القيميات بشرط لا، لأن كل ماهية بالإضافة إلى ماهية أخرى بشرط لا وإن كانت طولية، فماهية الشجر مثلا لها جهة وجدان الجسمية والقوة النباتية وجهة فقدان سائر الأشياء، ولذا لا يدخل الشجر في حد الإنسان، والداخل فيه جهة وجدانها فقط وهي الجسمية والنمو، وعليه فالمالية القائمة بماهية هي بشرط لا بالإضافة إلى ما عداها هي التالفة، وهي المتداركة، وليس في الخارج ما يتمحض في المالية ولا حيثية له إلا حيثية المالية إلا النقود المجعولة أعواضا لمجرد ماليتها، لكن الذمة لا تشتغل بالدينار والدرهم أو غيرهما من النقود الرائجة في المعاملات، لعدم تعين شئ منها، ولاستحالة الاشتغال بأحدها المردد. ولا جامع إلا المالية وهي أمر بسيط ليس لها قلة وكثرة وزيادة ونقص إلا باعتبار ما يتحقق به في الخارج وهي أنواع النقود فما تشتغل به الذمة أو يجب شرعا