وتحقيق القول فيه أن دعوى الصحة مبنية على أمرين: (أحدهما) أن ملكية الواقف المجعولة لجميع البطون ملكية واحدة مرسلة والواحد لا يتكثر ولا يتبعض، وحيث إنها عرض غير قار فلا تتحدد ولا تتقيد بالزمان فلا معنى لتقطيعها وتحديدها بالأزمنة ليكون تمليكا لجميع البطون لئلا تكون لكل منهم ملكية تامة مرسلة (ثانيهما) أن الملكية الواحدة المرسلة كما لا يمكن تقطيعها وتحديدها كذلك إعطاؤها لجميع البطون في عرض واحد، إذ لا يعقل أ ن يكون طرف الواحد الشخصي متعددا، فإن الإضافات تتشخص بتشخص أطرافها مع أنها على الفرض إضافة واحدة. والجمع بين هذين الأمرين يقتضي جعل الملكية الواحدة المرسلة للبطن الأول، ثم بعد انقراضهم للبطن الثاني وهكذا، نظير انتقال ملكية المورث إلى وارثه، والفرق أنه في الإرث بجعله تعالى وفي الوقف بجعل الواقف، ويؤيده أنه في مورد جواز بيع الوقف إذا لم يكن للبطن الموجود ملكية مرسلة كيف يتمشى منه البيع الذي هو التمليك المرسل، وعليه فالملكية المرسلة للعين في كل بطن تستتبع الملكية المرسلة لمنافعها وحينئذ تصح منه الإجارة ولو زائدا على مدة حياته فتنتقل العين مسلوبة المنفعة إلى البطن اللاحق بجعل الواقف لئلا يتوهم أنه مناف لتلقي كل بطن ملك الموقوف من واقفه لا من البطن السابق.
(لا يقال) العين بمنافعها وإن كانت مملوكة للبطن الموجود ملكية مرسلة إلا أنها متعلق حق البطون اللاحقة ولا تنفذ أنه معاملة كانت فيما كان فيه حق الغير.
(لأنا نقول) ليس لكل بطن بمقتضى جعل الواقف إلا الملكية ولا حق زيادة عليها لا فعلا ولا في زمانه. هذه غاية تقريب دعوى الصحة وتندفع المقدمة الأولى بأن الملكية المرسلة لا تتعدد بمعنى أن تكون هناك ملكيات مرسلة فإنه مناف لفرض وحدتها وأما بسط الملكية المرسلة على البطون فلا مانع منه إلا توهم امتناع تحددها وتقيدها بالزمان، وهو مدفوع بأن التحدد بالزمان تارة بالذات كما في الأعراض غير القارة فإن التدرجية عين الحركة المساوقة للتقدر بالزمان، وأخرى بالعرض كما في الأمور القارة، فإنها وإن لم تتقدر بالزمان لكنه يمر