المترقبة من العين فلا بد من بيان الملازمة بين عدم المنفعة المقصودة وعدم تحقق الإجارة، مع أنه لا معنى لها إلا تمليك المنفعة لا تمليك المنفعة المقصودة، فإنه بلا موجب لغة وعرفا وشرعا، فإن عدم صلاحية المنفعة لجعل العين ما لا يؤثر في عدم صحة البيع، فإن المفروض أن العين ليست مالا والبيع مبادلة مال بمال، لا في دعم صحة تمليك المنفعة التي لم تتقيد عرفا وشرعا بكونها مصححة لمالية العين، فإنه أجنبي عن حيثية قبولها للتمليك وعدم كونه منفعة مقصودة عند العقلاء لا ينافي تعلق غرض عقلائي بها يخرج المعاملة عن السفاهة، لما عرفت من أن المراد من المنفعة المقصودة هي المنفعة المترقبة من العين المصححة نوعا لمالية العين لا أن المنفعة الأخرى التي ليست هي مناط مالية العين غير عقلائية، ولذا ورد أن الأئمة سلام الله عليهم كانوا أحيانا يستقرضون إظهارا للغني (1)، بل ربما يبعثون به إلى عمال الصدقات اظهار لكونه زكاة أموالهم (2)، فهذا وأمثاله أغراض عقلائية تدعو إلى بعض المعاملات من قرض أو إجارة.
وأما عدم صحة الوقف بلحاظ هذه المنافع غير المقصودة فهو غير مسلم، بل السيرة العملية من صدر الإسلام إلى يومنا هذا على وقف بعض الأعيان لمجرد التزيين، فهذا ثوب الكعبة فإنه لمجرد التزيين لا أنه وقاية لها عن الحر والبرد، وهذه القناديل المصوغة من الذهب والفضة المعلقة في المشاهد المشرفة ليست إلا للتزيين مع أن منافعها المترقبة منها هي الاسراج والإضاءة.
وأما ما يقال - بالنقض بإجارة الحر وأم الولد مع أنه لا يصح وقفهما، فلا ملازمة بين الوقف والإجارة فهي غفلة عن وجه الاستدلال فإن الملازمة باعتبار وجود المنفعة وعدمها، فما لا منفعة فيه كما لا يجوز وقفه لا يجوز إجارته، لا دعوى الملازمة الكلية حتى ينتقض بالحر وأم الولد، ومما يؤيد ما ذكرناه من كفاية مطلق المنفعة في الإجارة كفاية مطلقها في العارية بلا خلاف ظاهرا، ولا فرق بين الإجارة