كاستيجار التفاح للسم والطعام لتزيين المجلس والشمع لذلك من وجهين:
(أحدهما) من حيث عدم المنفعة. (وثانيهما) من حيث عدم المالية، وبلحاظ الأولى قيل بالمنع لعدم صحة وقفهما فيكشف عن عدم المنفعة، وبلحاظ الثانية قيل بالمنع لعد ضمان منفعتهما بغصبهما فيكشف عن عدم مالية منفعتهما.
أما الاشكال الأول فدفعه يتوقف على مقدمة: هي أن المنافع عندهم على قسمين مقصودة وغير مقصودة، والمراد بالأولى هي المنافع المترقبة من الأعيان، كل عين بحسبها، فمنفعة الدار سكناها ومنفعة الدابة ركوبها فإن هذه المنفعة هي المقصودة عند العقلاء من شراء هذه الأعيان، وهي مصححة لمالية الأعيان بحيث لولا تلك المنفعة المقصودة لم تكن العين ذات مالية.
والمراد بالثانية هي المنفعة الجزئية التي لا تناط مالية العين بوجودها كالشم في التفاح فإن منفعته المقصودة عند العقلاء أكله لا شمه، ومنفعة الخبز أكله لا التزين به، ومنفعة النقود صرفها في التكسب لا التزين بها، ورب منفعة تكون بالإضافة إلى عين مقصودة وإلى عين أخرى غير مقصودة كالشم، فإنه من المنافع المقصودة بالإضافة إلى الأوراد المتمحضة في أخذها للاستشمام، ومن المنافع غير المقصودة في التفاح وأشباهه من الفواكه التي لا يقصد بها إلا أكلها. وما ذكره العلامة في قواعده بقوله " رحمه الله " من انتفاء قصد هذه المنافع (1) لعله هذا المعنى أي ليست من المنافع المقصودة عند العقلاء، لا أنه لم يقصدها المستأجر أو لم يعلم قصد المستأجر لها كما توهم من عبارته.
وحيث عرفت انقسام المنفعة إلى قسمين وأن مناط مالية العين هي المنفعة المترقبة من العين نوعا وأنها مناط مالية العين بحيث لولاها لما كانت العين مالا، تعرف أن دعوى عدم المنفعة إن كانت بمعنى عدم المنفعة رأسا فهو خلف وخلاف الواقع لفرض التزيين هنا والشم في التفاح، وإن كانت بمعنى عدم المنفعة المقصودة