ملكين متضادين باستقرار ملك الكلي على فرده.
وأما تخيل كفاية استحقاق المطالبة ووجوب التمكين لحرمة الارضاع أو لحرمة التطبيق، ولازمه اختلال الشرط في الأول وهي إباحة المنفعة واختلال شرط آخر في الثاني وهو عدم القدرة شرعا على تسليم الكلي بتسليم فرده المحرم، وما يمتنع شرعا كالممتنع عقلا فمدفوع بأن حرمة الارضاع لوجوب التمكين مبنية على مقدمية فعل الضد لترك الضد، وهي ممنوعة كما حقق في محله، وعلى فرض الحرمة المقدمية فكون إباحة المنفعة شرطا غير مناف لها كما سيجئ إن شاء الله تعالى في محله، ومنه يعلم أنه حيث لا حرمة فلا تكون القدرة على الارضاع مسلوبة، وعلى فرض الحرمة شرعا لا دليل على اعتبار القدرة بعنوانها، بل المعتبر إحراز إمكان الوصول خارجا لئلا يقع في الغرر والخطر وإمكان الارضاع خارجا ولو مع إثمها في ترك التمكين مما شبهة فيه. ومن جميع ما ذكرنا تبين أن إجارة نفسها للارضاع مع تعيين الزمان ولا معه لا مانع من صحتها ولو مع تعيين الزوج للاستمتاع في ذلك الزمان بل مع المنع عنه، إذا لموانع المتوهمة إما غير متحققة أو لا مانعية لها فتدبر جيدا.
فإن قلت: لا نسلم أن تعيين الكلي في المعين لا يكون إلا بايجاد فرده خارجا، بل إذا كان للزوج الولاية عل تعيينه في فرد من الأفراد المقدرة الوجود كفى في التعين، كما إذا كان من الأول مالكا للمنفعة المتعينة من حيث الزمان، فإن المملوك هو الفرد المقدر الوجود، واستيفاؤه باخراجه من حد الفرض والتقدير إلى الفعلية والتحقيق وعليه فليزم اجتماع ملكين متضادين إذا كان زمان الإجارة معينا.
قلت: بعد فرض تعلق الملك بالكلي في المعين لا بد في تعلقه بالفرد المقدر الوجود، إما من قلبه من متعلقه إلى متعلق آخر، وهو محال، وإما من إزالة ملك الكلي وإحداث ملك بالنسبة إلى الفرد المقدر الوجود، وهو خلاف الواقع، إذ لا ولاية للزوج على إزالة استحقاقه الثابت له شرعا وإحداث ملك من تلقاء نفسه، وإنما الثابت له السلطنة على الاستمتاع في زمان يختاره لكونه مالكا للاستمتاع