اللبن مملوك للزوج أو أن جميع منافعها مملوكة له ليس إلا منافاة استحقاق الاستمتاع لاستحقاق الارضاع، ومع سبق ثبوت الأول بعقد النكاح لا مجال لثبوت الثاني بعقد الإجارة، وهذا إنما يتم إذا كان الزوج مستحقا عليها الاستمتاع في جميع الأوقات بنحو الاستغراق حتى يكون ما نحن فيه نظير الأجير الخاص، فإنه بعد تمليك الخياطة في تمام اليوم لا يملك الكتابة فيه أو لا سلطنة له على تمليكها على التفصيل المتقدم في الأجير الخاص وأما إذا لم يستحق الزوج الاستمتاع المستغرق لجميع أوقاتها بالضرورة فلا محالة يكون الاستمتاع الذي يملكه الزوج بأحد وجوه: إما الاستمتاع في زمان معين أو الاستمتاع في أحد الأزمنة لا معينا أو الاستمتاع في وقت يشاء الزوج، إما بنحو الواجب المعلق أو بنحو الواجب المشروط أو الاستمتاع في أوقاتها بنحو الكلي في المعين غاية الأمر أن ولاية التعيين بيد الزوج، وما عدا الأخير باطل.
(أما الأول) فلعدم المعين شرعا وعرفا.
(وأما الثاني) فلاستحالة ملك المردد عقلا كما مر مرارا.
(وأما الثالث) فلثبوت استحقاق الاستمتاع للزوج شاء أولم يشأ، فلا الاستحقاق يتوقف على المشية ولا ما يستحقه متقيد بالمشية، بل الزوج إنما يشاء ما يستحقه وإذا انحصر الأمر في الوجه الرابع تندفع المنافاة بين الاستحقاقين، لأن استحقاق أحد لكلي في المعين واستحقاق الآخر لكلي آخر في المعين يجتمعان، كما في تمليك صاع من الصبرة لزيد وتمليك صاع آخر منها لعمرو، فإذا فرض أن استحقاق المستأجر على نهج استحقاق الزوج لم يكن بينهما تمانع، وإنما التمانع المتوهم يأتي من ناحية ولاية كل واحد منهما على التعيين، فالاستحقاق المستتبع للولاية لا يجامع الاستحقاق المستتبع للولاية، وهذا أيضا مدفوع بأن الولايتين بما هما ولايتان على التعيين أيضا غير متمانعتين، ضرورة أن الولاية ليست إلا السلطنة والقدرة على تعيين ما يستحقه في فرد، وقد شخص على فعل في زمان مع قدرة الآخر على مثله أو ضده يجتمعان. إلا أن الضدين حيث لا يجتمعان في زمان واحد،