وفيه (أولا) التقدم والتأخر المفروضين بين ملك العين وملك المنفعة تقدم وتأخر طبعي لا زماني، بداهة حصول ملك العين، وملك المنعة في زمان واحد وهو زمان تمامية الايجاب والقبول، والتقدم والتأخر الطبعي لا ينافي المقارنة الزمانية بين المتقدم والمتأخر بالطبع. بل لا ينافي الاتحاد في الوجود، فإن ملاك هذا التقدم والتأخر كما هو محقق في محله إمكان الوجود. بمعنى أنه يمكن أن يكون للمتقدم وجود. ولا وجود للمتأخر، ولا عكس كالواحد والاثنين، ومن البين أيضا أن التنافي في التأثير ليس إلا بلحاظ وجود الأثر خارجا، وفي الوجود الخارجي لهما المعية والمقارنة الزمانية، ولا تقدم ولا تأخر بلحاظ وعاء التأثير. فما فيه التنافي لا تقدم ولا تأخر فيه، وما فيه التقدم والتأخر لا تنافي فيه. فتدبره فإنه حقيق به.
(وثانيا) أن ملك المنفعة بمقتضى التبعية متأخر عن ملك العين بالبيع لاعن الإجارة، لأن الإجارة وإن كانت في عرض البيع المتقدم على ملك المنفعة إلا أن ما مع المتقدم على شئ ليس متقدما على ذلك الشئ، لأن التقدم والتأخر لا يكون إلا بملاك مخصوص وهو بين نفس المتقدم والمتأخر لأبين ما مع وغيره.
(وثالثا) أن الإجارة لها المعية مع البيع بالزمان لا بالطبع، فإن المعية الطبعية إنما تتصور فيما إذا كانا معلولي علة واحدة، فالبيع والإجارة ليس بينهما معية طبعية كما أنه ليس بينهما تقدم وتأخر طبعي، فلو فرضنا أن ما مع المتقدم متقدم فليس بينهما المعية حتى تكون الإجارة متقدمة على ملك المنفعة لتقدم البيع عليه.
والتحقيق صحتهما معا، وانتقال العين مسلوبة المنفعة إلى المشتري، وانتقال المنفعة في مدة خاصة إلى المستأجر، وذلك لأن مالك العين له مالان وملكان وله السلطنة على نقل كل منهما بالاستقلال، وقد مر أن التبعية ليست بنحو اللزوم بحيث لا ينفك ملك المنفعة عن ملك العين ولا ملك العين عن ملك المنفعة، واستتباع ملك العين لملك المنفعة لا يزاحم سلطان المالك على ماله، فله السلطنة على نقلهما معا في عرض واحد كما له السلطنة على نقل المنفعة قبلا، فالاستتباع إنما هو في فرض عدم إعمال السلطنة في نقل المنفعة، فليس البيع والإجارة من باب