وكالارضاع أو الرضاع بدخول اللبن في معدة الصبي وكالضراب بدخول النطفة في رحم الدابة (ثانيها) أن الاستيفاء يستتبع وجود عين كالاستقاء من البئر وحلب الشاة واخراج لبنها واقتطاف الثمرة من الشجرة. (ثالثها) ما يتوقف الاستيفاء على وجوده كالخياطة على الخيط والكتابة على المداد والصباغة على الصبغ أي ما يصبغ به من الألوان ونحوها، ولا منافاة لحقيقة الإجارة مع شئ من هذه الأقسام.
أما القسم الثالث: فالمستأجر عليه هو الفعل، ولزوم البذل من العامل بنحو الاشتراط الضمني إن كانت هناك عادة متبعة وإلا فلا بد من اشتراط صحيح، ومع عدمهما فهو على المستأجر، فلم تلزم ملكية العين بنفس عقد الإجارة.
وأما القسم الأول: فما هو مناف لحقيقة الإجارة اقتضاؤها لملك العين لا اقتضاؤها لعدم تلف العين كما مر في المبحث المتقدم أن استيفاء المنفعة من الدار بسكناها يستتبع تلف مقدار منها بالمشي والصعود والنزول، والانتفاع بركوب الدابة ربما يوجب هزالها أو جرج ظهرها ونحوه، وهذه اللوازم مسوغة ومستحق عليها بعين تشريع الإجارة واستحقاق استيفاء المنفعة وليس في شئ منها عنوان ملك العين لينافي عنوان ملك المنفعة الذي هو تمام حقيقة الإجارة.
وأما القسم الثاني: فإنما يشكل به المقام إذا كانت تلك الأعيان الموجودة مملوكة بنفس عقد الإجارة لا باستلزام ملك المنفعة لملك العين، فكما أن البيع حقيقته تمليك العين وملك العين يستلزم حقيقة ملك منفعتها ولم يتوهم أحد أن هذا الاستلزام مناف لحقيقة البيع كذلك إذا استلزم ملك المنفعة ملك العين ينبغي أن لا يكون موهما لمنافاته لحقيقة الإجارة، ومن قال من الأعلام بالتبعية يريد بها هذا المعنى من الاستلزام لا التبعية في الغرض ليناقش فيها بأن الغرض الأصيل ربما يكون في العين لا في العمل مثلا، وهذا المعنى هو التحقيق الحقيق بالقبول. إلا أنه متفرع على تحقق عمل أو منفعة مملوكين حتى يصح حديث الاستلزام ويرتفع الاشكال والابهام عن المقام.
فنقول: قد مر غير مرة أن منفعة العين هي الحيثية القائمة بها الموجودة فيها بنحو