بمجرد قبض العين يستحق الأجرة لكنه لا يخرج به عن ضمان المعاوضة فغير وجيه، لما مر منا سابقا من أن القبض الذي يستحق به الأجرة قبض المنفعة، وقبض العين مقدمة له، وحيث لا منفعة فلا قبض لأحد طرفي المعاوضة، بل اللازم إبقاء العين تحت يده في تمام المدة حتى يكون إقباضا لتمام المنفعة حتى يستحق مطالبة الأجرة تماما.
نعم يتفاوت المقامان من حيثية أخرى وهي أن مجرد التمكين من الاستيفاء في المدة المضروبة يوجب استقرار الأجرة، لكنه لا يوجب الخروج عن ضمان المعاوضة إلا بالاستيلاء عليها في المدة، كما هو كذلك في البيع، فإن مجرد التمكين وبذل العين يوجب استحقاق مطالبة الثمن وإن لم يخرج عن ضمان المعاوضة إلا باقباض العين خارجا كما هو صريح رواية عقبة بن خالد.
(الثاني) إذا انقضى بعض المدة ثم تلفت العين صح فيما مضى وبطل فيما بقي، وهو مما لا اشكال فيه أصلا، حيث لا منفعة واحدة إلا في مدة بقاء العين، وأما على مسلك القوم من الالحاق بالبيع كما في الجواهر (1)، حيث قال كتلف بعض المبيع فربما يشكل بما أشكل به البيع من أن المبيع هو الكل دون كل جزء جزء، فلا بد من دفعه بما مر مرارا من أن تعدد الملكية بتعدد المملوك عقلي لتشخص الإضافات بأطرافها، وتعدد الملكية يستدعي تعدد التمليك، إذ لا فرق بين الايجاد والوجود بالذات وإنما الاختلاف بالاعتبار، والبيع ليس إلا التمليك، بل العقد اللبي المعنوي أيضا متعدد، لأن العقد ارتباط أحد القرارين بالآخر، والجعل والقرار أمر لا يستقل بالتحصل فلا بد من تعلقه بالملكية فيتعدد بتعددها قهرا، ووحدة العقد كوحدة البيع وحدة عمومية لا شخصية، وبالجملة بناء على المشهور من انفساخ العقد بعد انعقاده على خلاف الأصل يحتاج إلى تكلف إقامة الدليل وتكلف التطبيق، وأما على ما سلكناه فالمسألة عقلية لا مجال للفرق فيها بين الكل والجزء.