الواجب على المكلف هو أحد الأمرين من ايجاده بنفسه مباشرة أو ايجاد سبب فعل الغير من الأمر أو الاستيجار أو الاستدعاء ونحو ذلك مع تعقبه بصدور العمل من النائب (ولا يخفى ما فيه) لما تقدم بيانه اجمالا (وتفصيله) أن التسبيب يطلق على معنيين (أحدهما) في باب الضمان حيث يقال أن الضمان. كما يثبت بالفعل المباشري كذلك يثبت بالتسبيب والمراد به هو استناد التلف إلى فعل المسبب كما إذا حفر بئرا في الطريق فمات انسان بوقوعه فيها فإن ديته على الحافر (ويشترط فيه) أن لا يتوسط بين حفر البئر وبين موت الواقع فيها بوقوعه فعل فاعل مختار، وإلا لم يستند إلى الحافر بل يستند إلى ذلك الفاعل بالاختيار سواء كان الاختيار من نفس الواقع في البئر كما إذا أوقع نفسه فيها اختيارا فمات حيث إن تلفه (ح) لا يكون على الحافر، أو كان بالاختيار من غيره، سواء كان الفعل الاختياري الصادر من الغير (الذي أوجب وقوع هذا في البئر) مباشريا كما إذا كان الواقع قائما عند البئر فألقاه فيها، أو كان بالتسبيب كما إذا وضع المزلق في أطراف البئر فوقع فيها بسبب ذلك المزلق فمات، ففي جميع هذه الصور التي توسط الفعل الاختياري بين حفر البئر وبين موت الواقع فيها لا يكون الضمان على الحافر (والسر في ذلك) أن الفعل بعد استناده إلى الفاعل الاختياري لا يكون مستندا إلى الحافر ويكون حفر البئر (ح) من العلل المعدة بخلاف ما إذا لم يتوسط الفعل الاختياري حيث يكون استناده إلى الحافر (ح) فهو المتلف حقيقة بايجاد سبب الاتلاف سواء لم يتوسط فعل أصلا أو كان المتوسط فعل غير اختياري كما إذا أوقعه في البئر حيوان أو صبي غير مميز بل ولو كان مميزا حيث إن التلف على الحافر أيضا (ومحصل معنى التسبيب) بهذا المعنى هو اسناد الفعل إلى المسبب حقيقة كاسناده إلى المباشر (وثانيهما) ما كان الفعل
(٥٦)