والإرادة (وهذا أيضا ينقسم) إلى قسمين (أحدهما) ما يكون الأمر المنوط بالقصد الذي هو عنوان ثانوي أمرا عينيا خارجيا (الثاني) ما يكون أمرا اعتباريا، والعقود كلها من هذا القبيل، فالبيع مثلا أعني مبادلة مال بمال وتبديل طرف إضافة بطرف آخر (على ما حقق سابقا) أمر اعتباري لا عيني، لأنه ليس من قبيل تبديل شئ من مكان خارجي إلى مكان آخر كرفع الحجر مثلا عن هذا المكان ووضعه في مكان آخر، بل هو تبديل في عالم الاعتبار نقل وتبديل في الخارج أصلا، وهذا التبديل الاعتباري متقوم بالقصد والإرادة، ولا يعقل تحققه في عالم الاعتبار بلا قصد وإرادة، وهذا ظاهر، وهو من العناوين الثانوية المترتبة على العنوان الأولى (أعني القول الصادر من البايع) حيث إن قول البايع بعت مثلا قول أو لفظ بالعنوان الأولى هو بيع بالعنوان الثانوي (فظهر) أن البيع عنوان ثانوي قصدي اعتباري وهكذا سائر عناوين العقود كالصلح ونحوه.
(الأمر الثاني) إن حقيقة ايجاد العقد هو بايجاد ما هو مصداق لعنوان ذاك العقد الذي يريد ايجاده بحيث يحمل على ما وجد بايجاده عنوان ذاك العقد بالحمل الشايع الصناعي، فايجاد البيع عبارة عن ايجاد معنى الهيئة الخاصة التي هي معنى حرفي ايجادي في موطن الاستعمال وايرادها على مادة البيع ومفهومه بداعي ايجاد تلك المادة في عالم الاعتبار، ونفس فعله هذا أعني ايجاد المادة في موطن وجودها بايراد الهيئة في موطن الاستعمال مصداق البيع إذ يقال على هذا الفعل أنه بيع فهنا ايجادان (أحدهما) ايجاد معنى الهيئة في موطن الاستعمال بايرادها على المادة، وهذا معنى حرف لا موطن له إلا الاستعمال حسبما حقق في مبحث المعاني الحرفية (وثانيهما) ايجاد المادة التي هي من الأمور الاعتبارية القابلة لأن توجد في الوعاء اللائق بها،