العرف ليس هو المرجع في الانطباق المسامحي وإن كان يرجع إليه في التطبيق الحقيقي الناشئ عن المسامحة في المفهوم.
(وتوضيحه) أن العرف تارة يتسامح في المفهوم من حيث السعة والضيق فيجعلون المفهوم أوسع عما هو عند أهل اللغة ثم يطلقون المفهوم بما له من السعة حقيقة على بعض ما ليس من أفراده لولا هذا التوسع في المفهوم كما في اطلاق مفهوم الماء على المختلط بالطين (وأخرى) يسامحون في التطبيق على ما ليس من أفراده حقيقة بلا مسامحة في المفهوم، وذلك كتطبيق المن على الأقل من مقداره بقليل وتطبيق الفرسخ على الأول منه كذلك، ومن هذا الباب جميع التطبيقات التسامحية في الأوزان والمقادير (ولا يخفى) أن ما يكون فيه العرف مرجعا إنما هو الأول دون الأخير فلا سبيل إلى الرجوع إلى العرف في الثاني، فإذا كان وزن مخصوص أو مكيال خاص موضوعا للحكم كما في باب الزكاة أو مقدار من المسافة كما في باب السفر لم يجز الاكتفاء بما ينطبق عليه المفهوم تسامحا بل المنبع هو المصداق الحقيقي.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن حكم العرف باتحاد السبب والمسبب من قبيل الأخير حيث إن مفهوم السبب والمسبب مبين لا اشتباه فيه، وليس اطلاق مفهوم المسبب على مصداق السبب من جهة التسامح في ناحية المفهوم الموجب لصحة الانطباق حقيقة بل إنما المسامحة في تطبيق مفهومه على مصداق السبب بعد بقائه على ما هو على من السعة والضيق ومعه فلا موقع للرجوع إليهم في مثل هذه المسامحة.
والمتحصل من هذا الأمر عدم صحة التمسك بالاطلاقات لو كان باب المعاملات من باب الأسباب والمسببات وعدم الاشكال في التمسك بها لو كان بابها باب المنشأ والانشاء وآلة الانشاء.