كالأفعال في باب المعاطاة آلات لايجاد تلك المنشآت، لا أن تلك الألفاظ أسباب توجد بالمباشرة لكي بترتب عليها تلك المنشآت قهرا نحو ترتب الاحراق على الالقاء بل هذه المنشآت بنفسها مخترعات وموجدات بالايجاد والانشاء إلا أنها نحتاج إلى آلة من قول أو فعل نحو حاجة الكتابة إلى القلم فلا يصح وصفها بالمسببات ولا وصف آلاتها بالأسباب.
(نعم) هذه المنشآت لها اعتباران، اعتبار نفس ذاتها من حيث هي هي مع قطع النظر عن انتشابها إلى الفاعل، واعتبارها من حيث نسبتها إلى الفاعل، فهي بالاعتبار الأول معنى اسم مصدري، وبالاعتبار الثاني معنى مصدري، و هذان الاعتباران واردان على حقيقة واحدة، وإنما الفرق بالاعتبار، فالبيع مثلا أعني تلك الحقيقة التي توجد وتنشأ بآلة ايجاده من القول أو الفعل له اعتباران، مصدري، واسم مصدري، والمصدري منه هو تلك الحقيقة باعتبار انتسابها إلى الفاعل، والاسم المصدري هي تلك الحقيقة باعتبارها في نفسها، وهذان اللحاظان يختلفان في عالم الاعتبار على حسب اختلاف تراكيب الكلام فإذا قلنا البيع صحيح مثلا، وأسندنا الصحة إلى نفس البيع يراد منه المعنى الاسم المصدري وإذا قلنا للفاعل رخصة في البيع يراد منه المعنى المصدري إذ الترخيص إنما يتعلق بالفعل من حيث الصدور وفي الحقيقة يكون المرخص فيه هو حيثية صدوره إذ الترخيص كسائر الأحكام التكليفية إنما يتعلق بالمعنى المصدري.
(وعلى هذا) فمثل " تجارة عن تراض " و " النكاح سنتي " وأمثالهما من الاطلاقات الواردة مما يتضمن الحكم التكليفي كلها راجعة إلى امضاء المعاني المصدرية، وأما في مثل أحل الله البيع فيحتمل أن يكون كذلك بناء على أن يكون المراد من الحلية هي الحلية التكليفية، ويحتمل أن يكون امضاء