وعليه، فيكفي إقرار المرتضى بما في السؤال وهو بصدد الإجابة عنه ليدل على أن الإمامية يقولون بنفي نسبة النسيان عن الأنبياء، وأنه (رحمه الله) ملتزم بذلك.
لكنه (قده) لم يفعل ذلك، وإنما ذكر معاني النسيان ثم ساق تنزيهه للنبي وفق المعنى الحقيقي على سبيل التنزل.
6 - إن السيد المرتضى (قده) لم يكن قطعا في وارد الالتزام بهذه المعاني الثلاثة للنسيان، كيف والمعنى الأول ينافي ويناقض الثاني والثالث.
ومن هنا لا بد من التدقيق بكلامه (قده) لمعرفة رأيه النهائي:
ولو أغفلنا النظر عن جميع ما تقدم، فلا أقل من أن يكون كلام الشريف المرتضى مجملا ولا يصح الإستدلال به على ترجيح أي من الأقوال، حيث انه يكون قد انصرف عن إبداء رأيه في هذا المورد واكتفى باستعراض أقوال الآخرين، ولا معنى للاستدلال به من الأساس.
فإذا اتضح رأي السيد المرتضى (قده) والطوسي (قده) وهو رأي علماء المذهب - خلا الصدوق الذي ذهب إلى السهو وحمل على الإسهاء - اتضح معه أن من خالف هذا المعنى وحمل النسيان على المعنى الحقيقي يكون بذلك قد خالف الإمامية في تنزيه المعصوم عن النسيان.
والكاتب نفسه ذكر انه دعى " السيد العاملي إلى أن يأتي على المقولات الخاطئة فعلا أو المخالفة للمشهور والإجماع " (1).
على أن حمل النسيان على معناه الحقيقي يخالف دلالات ظاهر الآيات؛ حيث إن تعلل موسى (ع) بالنسيان لو كان يقصد به الغفلة، أي ما يقابل التذكر، للزم منه أنه لو لم يكن ناسيا لما اعترض، لكنه اعترض ثانية وثالثة، ولم يكن ناسيا.. ومن يدعي أنه في اعتراضية الأخيرين كان ناسيا اتهم النبي