هذا وقد جاء في الروايات عن أهل البيت (ع) أن الأنبياء تنام عيونهم ولا تنام قلوبهم.
3 - الأرجح أن السيد المرتضى (قده) يلتزم بالقول الثاني لتأييده بقوله تعالى: (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي..) وهذه الآية لم يتعرض لها السيد المرتضى (قده) في تنزيه آدم (ع) والاستشهاد بها هنا لدلالتها التي لا تخفى.
4 - لا شك أن حديث السيد المرتضى (قده) عن كون النبي إنما لا يجوز عليه النسيان فيما يؤديه عن الله تعالى أو في شرعه أو في أمر يقتضي التنفير عنه، إنما ساقه (قده) على سبيل التنزل وهذا معنى قوله:
" وإذا حملنا هذه اللفظة على غير النسيان الحقيقي فلا سؤال فيها، وإذا حملناها على النسيان في الحقيقة كان الوجه فيه.. " إذ من الواضح أن من يرفض حمل النسيان على المعنى غير الحقيقي ويلتزم بالحقيقي منه لا بد له إذا كان معتقدا بالعصمة أن يحصر النسيان في غير التبليغ. وبمعنى آخر إذا ثبت أن النسيان هنا يقصد به المعنى الحقيقي وأن لا وجه آخر فلا بد من القول بما قاله السيد المرتضى (قده)، لكن ذلك بعيد إذ النسيان بمعنى الترك شائع مستعمل متأيد بالقرآن كقوله تعالى: {وكذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى} وغيرها.
5 - بل ويمكن استظهار رأي السيد المرتضى من السؤال نفسه وقد مر أن السؤال جاء فيه: " وما معنى قوله لا تؤاخذني بما نسيت وعندكم أن النسيان لا يجوز على الأنبياء عليهم السلام ".
ومن الواضح أن كلمة " عندكم " يقصد بها الإمامية القائلون بالعصمة، ويستظهر منها أن تنزيه المعصوم عن النسيان هو من خصوصيات مذهب الشيعة، ولو كان السيد المرتضى يتبنى حمل النسيان على المعنى الحقيقي لاكتفى بالقول: إننا لا نجوز النسيان على الأنبياء فيما يؤديه عن الله تعالى، أما في غير ذلك فلا مانع منه!! ولم يكن بحاجة لذكر هذه الوجوه..