ب - إن المتأمل في كلام العلامة الطباطبائي (قده) عند حديثه عن هذا الوجه، يرى أنها محاولة لبيان المراد بظاهر الآيات وإبطال ما يتوهم من دلالتها على الشرك لذلك نراه يكثر من قوله: " وعليه يدل ما حكي عنه.. فإن ظاهره أنه (ع) ينصرف عن فرض الشريك إلى إثبات أن لا شريك له إلا أنه يثبت وجوده تعالى.. " وقوله (قده): " فالذي يعطيه ظاهر الآيات.. " وغير ذلك.
أي أنه (ع) ينصرف إلى تقديم الدليل والبرهان على ما هو ثابت عنده ومعتقد به، وهو أن الرب المدبر هو الله لا شريك له في التدبير كما لا شريك له في الخلق والإيجاد.
ج - رغم اعتبار العلامة الطباطبائي (قده) لهذا الكلام أنه وجه إلا أنه لم يتنبه وإنما تبنى الوجه الثاني وهو: أن الكلام جار مجرى التسليم والمجاراة لقومه لإثبات بطلان دعواهم وأن ذلك أجلب لإنصاف الخصم وأمنع لثوران عصبيته، وأصلح لإسماع الحجة (1).
ودليل ذلك قوله (قده) بعد انتهائه من الكلام حول الوجه الأول: " هذا وجه، ولكن الذي يتأيد فيما حكاه الله عنه في سورة مريم في محاجته أباه.. أنه عليه السلام كان على علم بحقيقة الأمر، وأن الذي يتولى تدبير أمره، ويحض عليه ويبالغ في إكرامه، هو الله سبحانه دون غيره " (2).
وكلام الطباطبائي (قده) يتطابق مع ما ذكره قبل كلامه عن الوجه الأول حيث يقول (قده): " والذي يظهر مما حكي من كلام إبراهيم (ع) مع قومه في أمر الأصنام ظهورا لا شك فيه أنه كان على بينة من ربه.. " (3)