ونظيره موجود في المنطق ويسمى " قياس الخلف " الذي يقتضي أن تفترض أمرا تريد إظهار بطلانه لإثبات نقيضه.. وكلام العلامة الطباطبائي (قده) كله منصب على هذا الاتجاه.. لذا قال (قده) قبل تقديم مناقشته: " والذي يظهر مما حكي من كلام إبراهيم عليه السلام مع قومه في أمر الأصنام ظهورا لا شك فيه أنه كان على بينة من ربه وله من العلم بالله وآياته بما لا يخفى عليه معه أن الله سبحانه وتعالى أنزه ساحة من التجسم والتمثل والمحدودية.. " (1).
وهذا النص تجاهله " الكاتب " كعادته وكما هو ديدن أسلافه ممن سبقوه للدفاع عن صاحب " من وحي القرآن ".
وعلى أي حال، فلنحفظ قوله (قدس سره): " بما لا يخفى عليه معه أن الله سبحانه وتعالى أنزه ساحة من التجسم.. " لأننا سنعود إليه بعد قليل.
وقد قال (قده) بعد ذلك أيضا: " وعليه يدل ما حكي عنه في آخر الآيات.. (قال يا قوم إني بريء مما تشركون) فإن ظاهره أنه ينصرف عن فرض الشريك إلى إثبات أنه لا شريك له لا أنه يثبت وجوده تعالى.. " (2).
مما يعني أن إبراهيم (ع) بعد أن افترض لله شريكا ثم رأى ما ينتج عن هذا الافتراض من نتيجة باطلة لا يصح نسبتها إلى الرب أثبت بذلك لقومه أنه لا شريك له. وهو ما يسمى في المنطق بقياس الخلف وهو مستعمل في الرياضيات.
ولا يخفى ما لتعبير العلامة الطباطبائي (قده): " إثبات أن لا شريك له لا أنه يثبت وجوده تعالى " من دلالة، ودلالته واضحة وهي:
ان إبراهيم إنما كان في مقام الإثبات لقومه لا الثبوت لنفسه، أي تقديم ما هو حاصل لديه من إيمان بصورة الدليل والبرهان. وهذا القول يكشف عن