كما لا ينبغي أن يخفى على القارئ أن هذا الاتجاه الذي قال عنه " الكاتب ": إن صاحبه استوجهه وإن لم يختره، لم يقل به أحد من قبل، وليس هو ما دلت عليه الروايات وتحديدا رواية الإمام الرضا (ع) الآنفة الذكر، إذ لم يقل أحد أن إبراهيم عليه السلام قد عاش مع الكوكب في حالة من التصوف والعبادة وغير ذلك من مقولات، فضلا عن أن تكون الروايات قد دلت عليه. كما أنه قد تقدم عدم صحة ادعاء " الكاتب " أن صاحبه استوجه هذا الرأي وإن لم يختره، فقد عرفت أنه قد قربه بشواهد عديدة.
وعلى أي حال، فإننا نرى أن العلامة الطباطبائي (قدس سره) بريء مما نسبه إليه هذا " الكاتب " الذي أخذته العزة بالإثم إلى درجة اعتبر فيها تفسير الأئمة (عليهم السلام) من أضعف الآراء بل وتجرأ على اعتبار تفسيرهم لها في الرواية لا ينسجم مع ظواهر الآيات، هذا في الوقت الذي يعتبر فيه تفسير صاحبه من أقوى الآراء.
وقديما قالوا: إن لم تستح فافعل ما شئت، فتبارك الله أحسن الخالقين.
3 - وما دمنا قد وعدنا القارئ بذكر بعض الطرائف التي يتحفنا بها " الكاتب " بين الحين والآخر، فلنلفت نظره إلى واحدة منها، وهي التي جعلها " الكاتب " دليلا على تضعيف تفسير الإمام الرضا (عليه السلام) للآية أعني: كون هذا الرأي مما ذكره الأعلام في آخر ما ذكروه من وجوه محتملة. وإننا إذ نغض النظر عن تعبيره بلفظ: " وجوه محتملة " مؤقتا لأننا سنتعرض لذلك بعد قليل فإننا نقول:
إننا إذا أردنا أن نتبع " الكاتب " في قياسه بالاستدلال على ضعف الرأي الذي يذكره العلماء في آخر ما يذكروه، فإنه يلزم منه أن أول الأقوال المذكورة هو الأقوى والمعتبرة، وعليه فإننا عندئذ سنخلص إلى النتيجة التالية: