إلى قتال القوم وحده حتى جاء أكابر الصاحبة وتضرعوا إليه ومنعوه من الذهاب، ثم لما بلغ بعث العسكر إليهم انهزموا وجعل الله ذلك مبدئا لدولة الاسلام، فكان قوله: أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين، لا يليق إلا به وثالثها قوله: يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم، فهذا مشترك فيه بين أبي بكر وعلي، إلا أن حظ أبي بكر منه أتم وأكمل وذلك لأن مجاهدة أبي بكر مع الكفار كان في أول البعث وهناك الاسلام كان في غاية الضعف، والكفر في غاية القوة فكان يجاهد الكفار بمقدار قدرته، ويذب عن رسول الله (ص) بغاية وسعه وأما علي (ع) فإنه إنما شرع في الجهاد يوم بدر وأحد، وفي ذلك الوقت كان الاسلام قويا، وكانت العساكر مجتمعة، فثبت أن جهادا أبي بكر كان أكمل من جهاد علي (ع) من وجهين الأول إنه كان متقدما عليه في الزمان فكان أفضل، لقوله تعالى: لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل.
والثاني أن جهاد أبي بكر كان في وقت ضعف الرسول (ص) وجهاد علي كان في وقت القوة، ورابعها قوله: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وهذا لائق لأبي بكر، لأنه متأكد بقوله: ولا يأتل أولي الفضل منكم والسعة، وقد بينا أن هذه الآية لا بد أن يكون في أبي بكر، ومما يدل على أن جميع هذا الصفات لأبي بكر: إنا بينا بالدليل أن هذه الآية لا بد وأن تكون في أبي بكر، ومتى كان الأمر كذلك، كانت هذه الصفات لا بد وإن تكون صفات لأبي بكر، وإذا ثبت هذا وجب القطع بصحة إمامته إذ لو كانت إمامته باطلة لما كانت هذه الصفات لايقة به فإن قيل: لم لا يجوز أن يقال:
إنه كان موصوفا بهذه الصفات حال حياة الرسول (ص) ثم بعد وفاته لما شرع في