بقوم قادرين متمكنين من هذا الحرب، وأبو بكر وإن كان موجودا في ذلك الوقت إلا أنه ما كان مستقلا في ذلك الوقت بالحرب والأمر والنهي، فزال السؤال، فثبت أنه لا يمكن أن يكون المراد هو الرسول (ص) ولا يمكن أيضا أن يكون المراد هو علي رضوان الله عليه، لأن عليا رضي الله عنه لم يتفق له قتال مع أهل الردة فإن قلت لا نسلم أنه لم يتفق له قال مع أهل الردة، لأن كل من نازعه في الإمامة كان مرتدا، قلنا: هذا باطل من وجهين: الأول أن اسم المرتد إنما يتناول من كان تاركا لشرايع الاسلام والقوم الذين نازعوا علينا (ع) ما كانوا كذلك في الظاهر وما كان أحد يقول إنه إنما يحاربهم لأجل أنهم خرجوا عن الاسلام، وعلي (ع) لم يسمهم بالمرتدين، فهذا الذي يقوله هؤلاء الروافض بهت على جميع المسلمين وعلى علي (ع) أيضا الثاني لو كان كل من نازعه في الإمامة كان مرتدا لزم في أبي بكر وفي قومه أن يكونوا مرتدين، ولو كان كذلك لوجب بحكم ظاهر الآية: أن يأتي الله بقوم يقهرونهم ويردونهم إلى الدين الصحيح ولما لم يوجد ذلك البتة علمنا أن منازعة علي (ع) في الإمامة لا تكون ردة وإذا لم تكن ردة لم يمكن حمل الآية على علي (ع) لأنها نازلة فيمن يحارب المرتدين ولا يمكن أيضا أن يقال: إنها نازلة في أهل اليمن أو في أهل فارس لأنه لم يتفق لهم محاربة مع المرتدين وبتقدير أن يقال، اتفقت لهم هذه المحاربة، لكنهم كانوا رعية وأتباعا وأذنابا، فكان الرئيس الأمر المطاع في تلك الواقعة هو أبو بكر، ومعلوم أن حمل الآية على من كان أصلا في هذه القيادة ورئيسا مطاعا فيها أولى من حملها على الرعية والأتباع والأذناب، فظهر بما ذكرنا من الدليل الظاهر أن هذه الآية مختصة بأبي بكر الوجه الثاني في بيان أن الآية مختصة بأبي بكر هو إنا نقول: هب أن عليا (ع) كان قد حارب المرتدين ولكن محاربة أبي بكر مع المرتدين كانت أعلى حالا وأكثر موقعا في الاسلام من محاربة علي (ع)، مع من خالفة في الإمامة وذلك، لأنه علم بالتواتر أنه
(٢٠٦)