أن يرعاه بالعنف كي لا ينشأ ذليلا مهانا، فإن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، لا يزول من النفس بزوال الصبا، ومن هنا قال الرسول (ص):
" لاعب ولدك سبعا... " يعني علمه اللعب، واللعب معه في بيتك أو في مكان تكون أنت وهو معك حرا.
فملاعبة الرجل ولده أو رعايته وهو يلعب مع لداته، تلك هي التربية الرياضية الصحيحة، وإليها يفتقر الإنسان في طفولته ويطمئن إلى رجولته فيما بعد، ثم يأتي دور التأديب، وكلمة التأديب تحمل في طيها التعليم، لأن الأدب علم، وقوة، وإلمام بهما، حتى إذا نشط الغلام إلى السبع الأخيرة، وقد أخذ بمبادئ العلوم والآداب والفنون جاء دور التثقيف والتدريب على الحياة بحيث لا ينتهي من هذا الدور إلا وهو حاذق خبير في تطبيق العلوم على الحياة، وأصبح مؤهلا للعمل بعلمه، وكان جديرا بالحياة الحرة النزيهة في مجتمعه.
ويقول (ص) بعد ذلك: " صاحبه سبعا " ومعنى هذا هو تطبيق العلم على الحياة والتجربة العملية بمصاحبة الأب، ويسمون هذا الدور اليوم دور الاختبار والتدريب في المختبرات من مصانع أو معاهد عليا، ونسبة التأديب والصحبة للأب إشعار بأن المؤدب المصاحب يجب أن يكون مخلصا لتلميذه إخلاص أبيه له، هذا إذا لم يكن المعلم نفس أبيه. وغني عن البيان ما يرمي إليه نبينا (ص) من حرص على أن تكون التربية في عصمة عن الشذوذ والضلالة، خشية أن ينشأ ضالا مضلا لمن يقتدي به وهو يقود أهله وأمته في مستقبل حياته، لأن الناشئ هو عنوان الحياة التي يستقبلها بعد أبيه.
بعد هذا يقول سيدنا (ص): " ثم اترك له الحبل على الغارب " أي دعه يشق طريق حياته بنفسه بعد أن أرسلت أضواءك عليها وأشرت له بنصائحك، إلى خيرها وشرها، وأمرته بالخير، ونهيته عن الشر، وفقا لدين محمد وتأثرا