وديانات، وشعوبا ودولات...
وفي هذا الدرس يستعرض الإمام عليه السلام حق السلطان (أي صاحب السلطة) القائمة التي تمسك بيدها زمام الأمور، وتأخذ على عاتقها أن تقوم بواجبات:
منها اليسير، ومنها العسير.
وبديهي أن طبيعة مهمة السلطان الأولى، (وهي حماية أمن الناس وأعراضهم ودمائهم وأموالهم ونشر العدل فيهم)، تستلزم توفر خصائص واشتراطات في شخص السلطان، ونظام حكمه.
جاء عن أبي ذر (ره) قال: (قلت يا رسول الله ألا تستعملني. قال:
فضرب بيده على منكبي ثم قال: يا أبا ذر إنك ضعيف. وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذ بحقها وأدى الذي عليه فيها).
وأبو ذر من الصحابة المقربين من الرسول (ص) ولكن النبي صارحه مع ذلك بأنه لا يصلح للحكم.. فاشتراط القوة في السلطان، واشتراط الأمانة، يقصد بهما معنى واسع، فالقوة يراد بها قوة البأس وقوة الفهم وقوة الشخصية وقوة ضبط النفس، ليدفع السلطان بهذه الصفات أذى بعض الناس لبعضهم، ولكي لا يظلمهم، ولكي يستطيع بقوة فهمه تعرف أحوال رعيته والفصل بينهم، وليستطيع بقوة ضبطه لنفسه أن يعلم أن الحكم ليس سلطة يستبد بها كيف شاء، وأنه ليس لذة لشخصيته ولا نفعا مختلسا وإنما هو تكليف واشتراط الأمانة هو إحاطة للسلطان بسياج من الأخلاق الفاضلة التي يستلزمها الاضطلاع بمهمة الحكم. ومن الأمانة الحرص على شؤون الرعية المادية والأدبية، والحرص على الدفاع عنها والحزم، فإن الحازم لا يخون الحقوق بشفاعة الشافعين، لا حقوق الأفراد ولا حقوق المجتمع على المذنب ولا حقوق الله على متعدي حدوده. ولا يميل الحازم مع عاطفته الشخصية في