ومن رغب المزيد فليراجع إلى تآليفنا (1) فللتعبير هناك معنى جديد.
* * * وليكن ختام المطاف ما نقطفه للقارئ من كتاب (حكمة التشريع وفلسفته) من وصايا ملذة رقيقة، ليرى ما فيها من جلال وجمال، وفيها من حكم وعرفان، يرتاح لهما الضمير ويطمأن بهما الخاطر.
" نصحت سيدة من سيدات العرب وهي (أمامة التغلبية) إلى ابنتها (أم أياس بنت عوف) وكان ذلك قبل زفافها، فقالت لها:
" يا بنية لو كانت الوصية تترك لفضل أدب، أو لتقدم حسب، لزويت ذلك عنك ولأبعدته منك، ولكنها تذكرة للعاقل ومنبهة للغافل. يا بنية لو استغنت امرأة عن زوج بفضل مال أبيها لكنت أغنى الناس عن ذلك، ولكن للرجال خلقنا كما خلقوا لنا. يا بنية إنك فارقت بيتك الذي منه خرجت، والعش الذي فيه درجت، إلى وكر لم تعرفيه وقرين لم تألفيه، فكوني أمة يكون لك عبدا. واحفظي مني خصالا عشرا يكن لك ذكرا وذخرا.
أما الأولى والثانية: فالصحبة والقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة فإن في القناعة راحة القلب، وفي حسن المعاشرة مرضاة الرب.
وأما الثالثة والرابعة: فالتعهد لموضع عينيه، والتفقد لموضع أنفه، فلا تقع عيناه منك على قبيح، ولا يشم أنفه منك إلا أطيب ريح. واعلمي يا بنية أن الماء أطيب الطيب المفقود.
وأما الخامسة والسادسة: فالتعهد لوقت طعامه والتفقد لحين منامه، فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالاحتفاظ ببيته وماله، والرعاية لحشمه وعياله